عنود الصيد
05-31-2012, 02:59 AM
http://www.muslmah.net/smile/smile_albums/bsmlh-slam/mus-164.gif
http://www.muslmah.net/imgpost/11/8110746a6ead1ace914b3abf1666dad4.gif
أثر الإنترنت على الأسرة
أثر الإنترنت على الأسرة
إن ما يميز الأسرة المسلمة عن غيرها من الأسر في جميع أنحاء العالم هو ذلك الضابط الإيماني الذي يحكم التصرفات ويسيرها ضمن المنطق ويحميها من الزلل، فعبادة الله سبحانه بالسر، والعمل بقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم " اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " هي البوصلة الحساسة التي ترشد المسلم إلى الصواب، وهي التي رفعت من شأن المسلم وحصَّنَته ضد كل المُغْريات المستجدة.
وحيث إن العالم يشهد في هذه الأيام تغيرًا كبيرًا في مجال التقنية كالإنترنت وجد الشيطان فيه سلاحًا يغوي بواسطته بني البشر، فلا بد وأن نعلم أن الإنترنت من ثقافة غربية جادة، أو مغرضة لا بد وأن يؤثر بأشعته المدمرة على عقولنا، وقلوبنا، وأجسادنا، ولا بد أن يفقدنا ولو قليلاً من التوازن.
ولكن: [ نَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ] ( الأعراف: 201 ).
ولا يعني ذلك إنكار ما للإنترنت من فوائد عظيمة، ولا سيما إذا استخدم في مجالات الخير كالدعوة إلى الله سبحانه، حيث سهولة الاتصال بالآخرين، والوصول إليهم، ودعوتهم إلى الإسلام بيد أني في هذه المقالة أذكر الآثار السلبية للإنترنت على الأسرة.
رأس الهرم:
إن الأسرة كالهرم والرجل فيها الرأس، فهو المكلف بإنشاء أسرة مسلمة قوية وهو المكلف بالإنفاق والمحافظة عليها، ولكن إذا اختلف هذا الرأس فماذا سيحدث لهذه الأسرة المعتمدة بعد الله سبحانه وتعالى عليه.
إن دخول الإنترنت إلى عالمنا الإسلامي، ولهاث كثير من الناس المحموم وراء الإثارة المحرمة، وتهافت الكثير على التسلية والترفيه وحب الحياة والرفاهية قد أثَّر بشكل أو بآخر على جوهر وجودنا في هذا الكون ألا وهو العبادة كما قال الله سبحانه: [ وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ] ( الذاريات: 56 ).
والتمتع بملذات الحياة ليس بالأمر المكروه دينيًّا، ولكن الانغماس في الملذات والإسراف فيها هو المكروه، فتصوروا ماذا يحدث لهذا الرجل المنزرع أمام هذه الشاشة الصغيرة بالساعات يقلب المواقع الواحد تلو الآخر وينسى فيها كل شيء.
ينسى دينه فتلهيه عن صلاته وتردده على المسجد، وتبكيره إليه، وعبادته وقيامه، وقراءته للقرآن.
ينسى بيته فيقصر في طلباته؛ لأنه لا يريد أن يترك مكانه فيفوته شيء.
ينسى أولاده حتى إنه قد يضرب أحدهم إن حاول الاقتراب منه أو تعطيله عما هو فيه فيفقد الأبناء أبًا وهو لا يزال على قيد الحياة.
ينسى عمله، والسعي لرزقه فسهره الطويل أمام النت يؤدي إلى تكاسل كبير وقد يألف الجلوس في البيت، والتغيب عن العمل، أو يستسهل سرقة ساعات من العمل من أجل إرواء هذا العطش للإثارة.
ينسى زوجته وحقوقها عليه، فكم من زوجة طلقت بسبب إدمان زوجها على النت، ولقد قيل: إنه في أمريكا مبتدعة هذا الاختراع ظهرت ظاهرة جديدة اسمها أرامل الإنترنت، فحوالي 53% من النساء يشتكين من إدمان أزواجهن على الإنترنت ويطلبن الطلاق.
وينسى الألفة التي تجمع بين أفراد الأسرة فإن كان رب البيت متوحدًا أمام الجهاز فماذا يمنع كل فرد أن ينفرد بشأنه، فتتفكك الأسرة، وقد ينحرف الأولاد، لأن الأب لا يُلْقِي بالا للجلوس معهم وسماع مشاكلهم واحتوائها.
وينسى الصحبة، وقد تصبح غرف الدردشة هي العِوَض، ويبدأ بالعلاقات المحرمة، وكم من قصة سمعناها عن ذلك، فتصوروا أن هناك رجلا أراد أن يثبت كم هي ضارة غرف الدردشة هذه، فوضع اسم أنثى له ودخل الشات فتلقى سبع عشرة دعوة غير شرعية من أصل عشرين نقلاًَ عن قناة الشارقة.
وينسى مبادئه وقيمه التي تربى عليها من الحياء، وغض البصر، والمروءة وينغمس في استسهال وألفة المنكر إن سمح لنفسه أن يزور المواقع الإباحية، ويتفاعل معها بلا ضابط ولا رابط أخلاقي وديني، ولقد عرض أحدهم قصته تائبًا نادًّا والأسى يقطر من ثنايا عباراته، فقال: كنت أستبق الخطى لهذا الجهاز اللعين عندما تنام زوجتي المسكينة، وقد هدها التعب مع الأولاد وفي البيت، ناهيك عن طلباتي التي لا ترحم، وأتسمر أمام الإنترنت، وأقلب المواقع ضارها ونافعها، وأرى النساء العاريات المحرضات على فعل الرذيلة، وأستمر الحال هكذا معي، وزوجتي الصابرة تعلم وتدعو لي في سرها وجهرها، ولا ألقي لها بالاً وأنا أنحدر من سيئ إلى أسوأ حتى ألم بي مرض لازمت فيه فراشي، ومنعني من الجلوس أمام الإنترنت، ولكنن لم أستطع الصبر، فكان أن استيقظت قبيل الفجر، وهرعت إلى الجهاز اللعين لأصعق لما رأيت تمنيت أنني لو مت وما شاهدت ابني البكر الذي لم يتجاوز عشر سنوات يجلس بوضع مشين أمام الإنترنت وأحد المواقع يملي عليه ما يفعل، ففقدت صوابي، وأمسكت بالجهاز وأخذت في تحطيمه وأنا أعلم أنني المخطئ الأول ورحم الله أبا حامد الغزالي حين قال: الخاطرة الأولى في الباطل إن لم تُدْفَع أورثت الرغبة، والرغبة تُورث الهم، والهم يُورث القصد، والقصد يُورث الفعل، والفعل يورث البوار والمقت، فينبغي دفع الخاطرة الأولى عند ورودها فإن ما بعدها تَبَعٌ لها.
ما ينطبق على الرجل ينطبق على المرأة، فالمرأة ركن هام وجوهري في هذه الأسرة المسلمة، فهل يمكن أن نتخيل أُمًّا تجلس أمام الإنترنت وابنها يصيح طالبًا تلبية حاجاته وهي لا تلقي له بالاً ؟ هل يمكن لكم أن تصدقوا أن هذا يحدث فكم من ربة أسرة:
نسيت دينها فقامت إلى الصلاة - إن قامت - متكاسلة وأنهتها بسرعة، ولم تقبل على العبادة والنوافل، فليس لديها الوقت لذلك إن كانت تقضي جُلّ وقتها أمام الإنترنت، فخلى قلبها من رقة الإيمان والحرص على رضى الله تعالى.
ونسيت زوجها، فأهملت شؤونه العامة والخاصة، وصار ارتيادها للمنتديات بدون تنظيم للوقت ودخولها عالم الدردشة أحب إليها من مصاحبة زوجها ورضاه.
ونسيت أولادها فهي كقطعة من هذا الكمبيوتر، تدخل في عالمه زارعة عالمها في زاوية الإهمال، فلا تقوم برعايتهم، ولا تدريسهم، ولا العناية بهم، ولا الجلوس واللعب معهم، أو سماع مشاكلهم، وخاصة الفتيات في سن المراهقة اللواتي يأخذن الأم كمثل أعلى، فبدلاً من الدردشة مع أبنائها تلجأ إلى كائن غريب الله أعلم بنواياه، وتدخل معه في حوارات هدامة، وتنسى أنها محاسبة على وقتها، وصحتها، وألفاظها، وستسأل عنه يوم القيامة، فقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام: ( احرص على ما ينفعك واستعن بالله ).
وقد سمعنا قصصًا كثيرة ومؤلمة من جزاء إدمان ربات الأسر على الإنترنت وخاصة الشات ( غرف الدردشة ) فتلك المرأة التي نشرت قصتها عن طريق البريد الإلكتروني هداها الله، وأعانها قد طلبت من الجميع نشر قصتها للعبرة والعظة، تقول: فبعد الانغاس في الدردشة مع شخص مجهول كان الأمر في البدء للتسلية ( وهكذا يبدأ ) أدى تطور الأمر إلى أن الشيطان أقنعها بالمحادثة الهاتفية ثم الشخصية فتم السقوط في الرذيلة والخيانة، وطلبت الطلاق بعد معرفة الزوج النبيل الذي لم يُرِدْ فضحها، فطلقها ولكن كانت النتيجة أن ظل هذا الرجل يتسلى بها، وطالبته بالزواج كما وعدها، ولكنه سخر منها، وأخبرها أنه لا يتزوج من تخون زوجها، وقد أردفت قائلة: إنها ستقتل نفسها إن لم يرحمها الله، أعانها الله في محنتها وتاب عليها.
ولقد قامت Open university بدراسة مفادها أن المجتمع البشري سيعيش مرحلة فوضى خلال السنوات المقبلة نتيجة طغيان تكنولوجيا المعلومات على مختلف جوانب الحياة البشرية قبل أن يتوصل الإنسان إلى توازن معيشي جديد في كل البيئة المعلوماتية المستخدمة نقلاً عن مجلة الكمبيوتر والاتصالات عدد 12.
وإننا كمسلمين لدينا القدرة على التوازن، فمنهاجنا الإسلامي الحنيف لم تعبث به أيد مغرضة، ومن استمسك به فقد فاز، وإن واجبنا أن نحمي كل أفراد مجتمعنا وننتبه للمستهدفين منا، وعلى رأسهم أبناؤنا وبناتنا.
الرقابة الأسرية:
كلنا يعلم أن للإنترنت فوائد من حيث تدفق المعلومات، وسهولة تناولها وثرائها، ولكن يجب أن لا يعمي بريقها أنظارنا عن مخاطرها، وخاصة بالنسبة للأطفال الذين فتح لهم الإنترنت آفاقا واسعة، وخلق منهم أطفالاً غير تقليديين فابتعد الطفل مع هذا القادم الجديد إلى:
عالم آخر يعيش فيه وحده، وأصبح لا يرغب في الحركة والنشاط، واللعب الجماعي، وقد شكا أحد الآباء قائلا: أولادي مسحورون، ويقصد انهماكهم في استخدام الإنترنت غير المقنن، وأصبح الإنترنت الهواية الأهم فأدت إلى العزلة.
وهذه الشاشة وما تجلب أبعدتهم عن التلقي الصحيح من الأب والأم للمبادئ الحسنة والعادات الحميدة التي تربى عليها الآباء والأجداد، فأصبح الطفل يستقي مبدأه مما يأخذه من ذاك البطل الذي يراه في ألعابه الإلكترونية، وعاداته يقتبسها من تلك المواقع التي تبث السم في عقول أبنائنا.
وكغيره من شرائح الأسرة فالجلوس المتواصل إلى الإنترنت أدى إلى الإدمان وإهمال كل ما يجب عليه من تواصل مع الأسرة، أو العبادة أو الدراسة.
ولا ننسى صحة الطفل فتلك الأشعة المنبثقة من الجهاز تؤثر على العيون، والانهماك والإثارة يؤثران على الجهاز العصبي والقلب، وكيف إذا كان مراهقًا، وابتدأ في تلقي أولى دروس الإثارة من تلك المواقع الإباحية فخسر حياته وقيمه.
ولا شك أن الجميع سمع بعبدة الشيطان الذين أخرجوا أبناء جيلنا عن عقيدتهم في بعض البلدان العربية وجعلوهم يمارسون عن طريق الإنترنت طقوسهم الكافرة.
وكم من طفل ساذج سمح للغير باختراق الخصوصية لعائلته بنشر أسرارها وأرقام بطاقاته المالية.
وكم من طفل استُدْرِجَ إلى الابتذال وممارسة الجنس الرخيص مقابل أشياء كثيرة، ولقد صدر قانون في أمريكا تلك البلد التي اخترعت الإنترنت، لحماية الأطفال من استغلالهم إباحيًّا عن طريق الإنترنت بفرض غرامة مالية كبيرة على المسيئين.
ونتج عن غياب الرقابة أيضًا جيل عنيف يستطيع أن يركب قنبلة عن طريق الإنترنت بمواد بسيطة، فهناك مواقع تعلم الجميع علم السلاح.
إلى كل أب وأم:
من يشاهد هذا الخطر المتنامي لا بد وأن يعرف أن استخدام الأطفال والأبناء للإنترنت يتزايد مع تزايد استخدام الآباء، ولقد يسر الإنترنت حل الواجبات والأبحاث فكانت كم تستدرجهم إلى الكثير من المحظورات عن طريق هذا الباب.
ومع الترويج للمزايا الجيدة للنت أصبح حجم الأخطار يتناسب معها فنحن نقرأ يوميًّا ما يتعرض له الأطفال من إرهاب البريد الإلكتروني والتهديد على النت والتصوير الإباحي
الطريق مفتوح:
رغم أننا ولله الحمد لا نشكو مما يشكوه الغرب إلى الآن إلا أننا لسنا بمنأى عن أخطاره القادمة، فالإنترنت وسيلة لا مركزية لا تحكمها ضوابط ولا قيود، فيجب أن يكون الضابط أسريًّا من الآباء بحيث تحجب المواقع الضارة والمُغرضة للدين والمبادئ، والمملكة هي من أولى الدول التي تفرض رقابة على الإنترنت ولكن التقدم التقني يخرق بعض الضوابط، فهناك من يعلم الأطفال كيفية فك المواقع المحجوبة.
ويجب أن يعلم كل أب وأم أن هناك برامج للتصفح تحمي الأطفال وتسمح لهم بتصفح آمن مثل:
www.Chibrow.com
أي The Children browser كما يفضل أن يعرف الآباء كيفية استعمال النت بغرض مشاركة أبنائهم في اختيار المناسب، فلا يلجأون إلى الغير، ولا تستهويهم لعبة النت في استخدامها بالشكل الخاطئ، ففي أحد تحقيقات مكتب التحقيقات الأمريكي الفيدرالي عن خطف طفل عمره عشر سنوات ظهر توزيع صور إباحية للأطفال أدت إلى مصادرة مواد إباحية في 20 مدينة أمريكية، كما تم القبض على حَدَث يهدد زملاءه عن طريق البريد الإلكتروني، ناهيك عن جرائم التخريب والاحتيال، وسرقة البطاقات الائتمانية.
كما يجب على الآباء غرس التقوى، وضابط العقيدة في نفوس أبنائهم بالحسنى، والقدوة الحسنة، فهما القوة التي تحمي الجميع من خطر ما يواجه ديننا ومبادئنا، وإرثنا النقي الطاهر، فاستعدادنا يدفع الشر، واستعانتنا بالله تقضي عليه بإذن الله تعالى.
رحم الله شيخنا الفاضل علي الطنطاوي فقد ذكر في كتابه: ذكريات الشيخ علي الطنطاوي: ( أما الحرب التي تواجه الإسلام الآن فهي أشد وأنكى من كل ما كان، إنها عقول كبيرة جدًّا شريرة جدًّا، تمدها قوى قوية جدًّا، وأموال كثيرة جدًّا كل ذلك مُسَخَّرٌ لحرب الإسلام على خطط محكمة، والمسلمون أكثرهم غافلون يجد أعداؤهم ويهزلون ).
الخروج من التيه:
إن ما نشهده من تزعزع المسلمات عند البعض لن يستمر، وسيفرز المستقبل جيلاً جديدًا من الإسلاميين يمكن وصفهم بأنهم إسلاميو ما بعد التيه، ممن سيحملون هم هذه الأمة في مرحلة ما بعد التيه، وستخرج إلى العالم حضارة إسلامية تجمع القوة في حمل الأمانة مع المعاصرة في الآليات والوسائل، والأصالة في الغايات والمقاصد، وستشرق شمس الإسلام من جديد على العالم شرقه وغربه، عن مجلة البيان عدد 173.
ونقول أخيرًا:
كن أنت كن كما كنت
مسلمًا كما صنعت
فالغير لا يهم
وردد تسبيح القلب
واشدو وطر مع السرب
ولكن كما أنت وكما كنت
وكما خلقت
http://www.muslmah.net/imgpost/11/8110746a6ead1ace914b3abf1666dad4.gif
أثر الإنترنت على الأسرة
أثر الإنترنت على الأسرة
إن ما يميز الأسرة المسلمة عن غيرها من الأسر في جميع أنحاء العالم هو ذلك الضابط الإيماني الذي يحكم التصرفات ويسيرها ضمن المنطق ويحميها من الزلل، فعبادة الله سبحانه بالسر، والعمل بقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم " اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " هي البوصلة الحساسة التي ترشد المسلم إلى الصواب، وهي التي رفعت من شأن المسلم وحصَّنَته ضد كل المُغْريات المستجدة.
وحيث إن العالم يشهد في هذه الأيام تغيرًا كبيرًا في مجال التقنية كالإنترنت وجد الشيطان فيه سلاحًا يغوي بواسطته بني البشر، فلا بد وأن نعلم أن الإنترنت من ثقافة غربية جادة، أو مغرضة لا بد وأن يؤثر بأشعته المدمرة على عقولنا، وقلوبنا، وأجسادنا، ولا بد أن يفقدنا ولو قليلاً من التوازن.
ولكن: [ نَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ] ( الأعراف: 201 ).
ولا يعني ذلك إنكار ما للإنترنت من فوائد عظيمة، ولا سيما إذا استخدم في مجالات الخير كالدعوة إلى الله سبحانه، حيث سهولة الاتصال بالآخرين، والوصول إليهم، ودعوتهم إلى الإسلام بيد أني في هذه المقالة أذكر الآثار السلبية للإنترنت على الأسرة.
رأس الهرم:
إن الأسرة كالهرم والرجل فيها الرأس، فهو المكلف بإنشاء أسرة مسلمة قوية وهو المكلف بالإنفاق والمحافظة عليها، ولكن إذا اختلف هذا الرأس فماذا سيحدث لهذه الأسرة المعتمدة بعد الله سبحانه وتعالى عليه.
إن دخول الإنترنت إلى عالمنا الإسلامي، ولهاث كثير من الناس المحموم وراء الإثارة المحرمة، وتهافت الكثير على التسلية والترفيه وحب الحياة والرفاهية قد أثَّر بشكل أو بآخر على جوهر وجودنا في هذا الكون ألا وهو العبادة كما قال الله سبحانه: [ وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ] ( الذاريات: 56 ).
والتمتع بملذات الحياة ليس بالأمر المكروه دينيًّا، ولكن الانغماس في الملذات والإسراف فيها هو المكروه، فتصوروا ماذا يحدث لهذا الرجل المنزرع أمام هذه الشاشة الصغيرة بالساعات يقلب المواقع الواحد تلو الآخر وينسى فيها كل شيء.
ينسى دينه فتلهيه عن صلاته وتردده على المسجد، وتبكيره إليه، وعبادته وقيامه، وقراءته للقرآن.
ينسى بيته فيقصر في طلباته؛ لأنه لا يريد أن يترك مكانه فيفوته شيء.
ينسى أولاده حتى إنه قد يضرب أحدهم إن حاول الاقتراب منه أو تعطيله عما هو فيه فيفقد الأبناء أبًا وهو لا يزال على قيد الحياة.
ينسى عمله، والسعي لرزقه فسهره الطويل أمام النت يؤدي إلى تكاسل كبير وقد يألف الجلوس في البيت، والتغيب عن العمل، أو يستسهل سرقة ساعات من العمل من أجل إرواء هذا العطش للإثارة.
ينسى زوجته وحقوقها عليه، فكم من زوجة طلقت بسبب إدمان زوجها على النت، ولقد قيل: إنه في أمريكا مبتدعة هذا الاختراع ظهرت ظاهرة جديدة اسمها أرامل الإنترنت، فحوالي 53% من النساء يشتكين من إدمان أزواجهن على الإنترنت ويطلبن الطلاق.
وينسى الألفة التي تجمع بين أفراد الأسرة فإن كان رب البيت متوحدًا أمام الجهاز فماذا يمنع كل فرد أن ينفرد بشأنه، فتتفكك الأسرة، وقد ينحرف الأولاد، لأن الأب لا يُلْقِي بالا للجلوس معهم وسماع مشاكلهم واحتوائها.
وينسى الصحبة، وقد تصبح غرف الدردشة هي العِوَض، ويبدأ بالعلاقات المحرمة، وكم من قصة سمعناها عن ذلك، فتصوروا أن هناك رجلا أراد أن يثبت كم هي ضارة غرف الدردشة هذه، فوضع اسم أنثى له ودخل الشات فتلقى سبع عشرة دعوة غير شرعية من أصل عشرين نقلاًَ عن قناة الشارقة.
وينسى مبادئه وقيمه التي تربى عليها من الحياء، وغض البصر، والمروءة وينغمس في استسهال وألفة المنكر إن سمح لنفسه أن يزور المواقع الإباحية، ويتفاعل معها بلا ضابط ولا رابط أخلاقي وديني، ولقد عرض أحدهم قصته تائبًا نادًّا والأسى يقطر من ثنايا عباراته، فقال: كنت أستبق الخطى لهذا الجهاز اللعين عندما تنام زوجتي المسكينة، وقد هدها التعب مع الأولاد وفي البيت، ناهيك عن طلباتي التي لا ترحم، وأتسمر أمام الإنترنت، وأقلب المواقع ضارها ونافعها، وأرى النساء العاريات المحرضات على فعل الرذيلة، وأستمر الحال هكذا معي، وزوجتي الصابرة تعلم وتدعو لي في سرها وجهرها، ولا ألقي لها بالاً وأنا أنحدر من سيئ إلى أسوأ حتى ألم بي مرض لازمت فيه فراشي، ومنعني من الجلوس أمام الإنترنت، ولكنن لم أستطع الصبر، فكان أن استيقظت قبيل الفجر، وهرعت إلى الجهاز اللعين لأصعق لما رأيت تمنيت أنني لو مت وما شاهدت ابني البكر الذي لم يتجاوز عشر سنوات يجلس بوضع مشين أمام الإنترنت وأحد المواقع يملي عليه ما يفعل، ففقدت صوابي، وأمسكت بالجهاز وأخذت في تحطيمه وأنا أعلم أنني المخطئ الأول ورحم الله أبا حامد الغزالي حين قال: الخاطرة الأولى في الباطل إن لم تُدْفَع أورثت الرغبة، والرغبة تُورث الهم، والهم يُورث القصد، والقصد يُورث الفعل، والفعل يورث البوار والمقت، فينبغي دفع الخاطرة الأولى عند ورودها فإن ما بعدها تَبَعٌ لها.
ما ينطبق على الرجل ينطبق على المرأة، فالمرأة ركن هام وجوهري في هذه الأسرة المسلمة، فهل يمكن أن نتخيل أُمًّا تجلس أمام الإنترنت وابنها يصيح طالبًا تلبية حاجاته وهي لا تلقي له بالاً ؟ هل يمكن لكم أن تصدقوا أن هذا يحدث فكم من ربة أسرة:
نسيت دينها فقامت إلى الصلاة - إن قامت - متكاسلة وأنهتها بسرعة، ولم تقبل على العبادة والنوافل، فليس لديها الوقت لذلك إن كانت تقضي جُلّ وقتها أمام الإنترنت، فخلى قلبها من رقة الإيمان والحرص على رضى الله تعالى.
ونسيت زوجها، فأهملت شؤونه العامة والخاصة، وصار ارتيادها للمنتديات بدون تنظيم للوقت ودخولها عالم الدردشة أحب إليها من مصاحبة زوجها ورضاه.
ونسيت أولادها فهي كقطعة من هذا الكمبيوتر، تدخل في عالمه زارعة عالمها في زاوية الإهمال، فلا تقوم برعايتهم، ولا تدريسهم، ولا العناية بهم، ولا الجلوس واللعب معهم، أو سماع مشاكلهم، وخاصة الفتيات في سن المراهقة اللواتي يأخذن الأم كمثل أعلى، فبدلاً من الدردشة مع أبنائها تلجأ إلى كائن غريب الله أعلم بنواياه، وتدخل معه في حوارات هدامة، وتنسى أنها محاسبة على وقتها، وصحتها، وألفاظها، وستسأل عنه يوم القيامة، فقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام: ( احرص على ما ينفعك واستعن بالله ).
وقد سمعنا قصصًا كثيرة ومؤلمة من جزاء إدمان ربات الأسر على الإنترنت وخاصة الشات ( غرف الدردشة ) فتلك المرأة التي نشرت قصتها عن طريق البريد الإلكتروني هداها الله، وأعانها قد طلبت من الجميع نشر قصتها للعبرة والعظة، تقول: فبعد الانغاس في الدردشة مع شخص مجهول كان الأمر في البدء للتسلية ( وهكذا يبدأ ) أدى تطور الأمر إلى أن الشيطان أقنعها بالمحادثة الهاتفية ثم الشخصية فتم السقوط في الرذيلة والخيانة، وطلبت الطلاق بعد معرفة الزوج النبيل الذي لم يُرِدْ فضحها، فطلقها ولكن كانت النتيجة أن ظل هذا الرجل يتسلى بها، وطالبته بالزواج كما وعدها، ولكنه سخر منها، وأخبرها أنه لا يتزوج من تخون زوجها، وقد أردفت قائلة: إنها ستقتل نفسها إن لم يرحمها الله، أعانها الله في محنتها وتاب عليها.
ولقد قامت Open university بدراسة مفادها أن المجتمع البشري سيعيش مرحلة فوضى خلال السنوات المقبلة نتيجة طغيان تكنولوجيا المعلومات على مختلف جوانب الحياة البشرية قبل أن يتوصل الإنسان إلى توازن معيشي جديد في كل البيئة المعلوماتية المستخدمة نقلاً عن مجلة الكمبيوتر والاتصالات عدد 12.
وإننا كمسلمين لدينا القدرة على التوازن، فمنهاجنا الإسلامي الحنيف لم تعبث به أيد مغرضة، ومن استمسك به فقد فاز، وإن واجبنا أن نحمي كل أفراد مجتمعنا وننتبه للمستهدفين منا، وعلى رأسهم أبناؤنا وبناتنا.
الرقابة الأسرية:
كلنا يعلم أن للإنترنت فوائد من حيث تدفق المعلومات، وسهولة تناولها وثرائها، ولكن يجب أن لا يعمي بريقها أنظارنا عن مخاطرها، وخاصة بالنسبة للأطفال الذين فتح لهم الإنترنت آفاقا واسعة، وخلق منهم أطفالاً غير تقليديين فابتعد الطفل مع هذا القادم الجديد إلى:
عالم آخر يعيش فيه وحده، وأصبح لا يرغب في الحركة والنشاط، واللعب الجماعي، وقد شكا أحد الآباء قائلا: أولادي مسحورون، ويقصد انهماكهم في استخدام الإنترنت غير المقنن، وأصبح الإنترنت الهواية الأهم فأدت إلى العزلة.
وهذه الشاشة وما تجلب أبعدتهم عن التلقي الصحيح من الأب والأم للمبادئ الحسنة والعادات الحميدة التي تربى عليها الآباء والأجداد، فأصبح الطفل يستقي مبدأه مما يأخذه من ذاك البطل الذي يراه في ألعابه الإلكترونية، وعاداته يقتبسها من تلك المواقع التي تبث السم في عقول أبنائنا.
وكغيره من شرائح الأسرة فالجلوس المتواصل إلى الإنترنت أدى إلى الإدمان وإهمال كل ما يجب عليه من تواصل مع الأسرة، أو العبادة أو الدراسة.
ولا ننسى صحة الطفل فتلك الأشعة المنبثقة من الجهاز تؤثر على العيون، والانهماك والإثارة يؤثران على الجهاز العصبي والقلب، وكيف إذا كان مراهقًا، وابتدأ في تلقي أولى دروس الإثارة من تلك المواقع الإباحية فخسر حياته وقيمه.
ولا شك أن الجميع سمع بعبدة الشيطان الذين أخرجوا أبناء جيلنا عن عقيدتهم في بعض البلدان العربية وجعلوهم يمارسون عن طريق الإنترنت طقوسهم الكافرة.
وكم من طفل ساذج سمح للغير باختراق الخصوصية لعائلته بنشر أسرارها وأرقام بطاقاته المالية.
وكم من طفل استُدْرِجَ إلى الابتذال وممارسة الجنس الرخيص مقابل أشياء كثيرة، ولقد صدر قانون في أمريكا تلك البلد التي اخترعت الإنترنت، لحماية الأطفال من استغلالهم إباحيًّا عن طريق الإنترنت بفرض غرامة مالية كبيرة على المسيئين.
ونتج عن غياب الرقابة أيضًا جيل عنيف يستطيع أن يركب قنبلة عن طريق الإنترنت بمواد بسيطة، فهناك مواقع تعلم الجميع علم السلاح.
إلى كل أب وأم:
من يشاهد هذا الخطر المتنامي لا بد وأن يعرف أن استخدام الأطفال والأبناء للإنترنت يتزايد مع تزايد استخدام الآباء، ولقد يسر الإنترنت حل الواجبات والأبحاث فكانت كم تستدرجهم إلى الكثير من المحظورات عن طريق هذا الباب.
ومع الترويج للمزايا الجيدة للنت أصبح حجم الأخطار يتناسب معها فنحن نقرأ يوميًّا ما يتعرض له الأطفال من إرهاب البريد الإلكتروني والتهديد على النت والتصوير الإباحي
الطريق مفتوح:
رغم أننا ولله الحمد لا نشكو مما يشكوه الغرب إلى الآن إلا أننا لسنا بمنأى عن أخطاره القادمة، فالإنترنت وسيلة لا مركزية لا تحكمها ضوابط ولا قيود، فيجب أن يكون الضابط أسريًّا من الآباء بحيث تحجب المواقع الضارة والمُغرضة للدين والمبادئ، والمملكة هي من أولى الدول التي تفرض رقابة على الإنترنت ولكن التقدم التقني يخرق بعض الضوابط، فهناك من يعلم الأطفال كيفية فك المواقع المحجوبة.
ويجب أن يعلم كل أب وأم أن هناك برامج للتصفح تحمي الأطفال وتسمح لهم بتصفح آمن مثل:
www.Chibrow.com
أي The Children browser كما يفضل أن يعرف الآباء كيفية استعمال النت بغرض مشاركة أبنائهم في اختيار المناسب، فلا يلجأون إلى الغير، ولا تستهويهم لعبة النت في استخدامها بالشكل الخاطئ، ففي أحد تحقيقات مكتب التحقيقات الأمريكي الفيدرالي عن خطف طفل عمره عشر سنوات ظهر توزيع صور إباحية للأطفال أدت إلى مصادرة مواد إباحية في 20 مدينة أمريكية، كما تم القبض على حَدَث يهدد زملاءه عن طريق البريد الإلكتروني، ناهيك عن جرائم التخريب والاحتيال، وسرقة البطاقات الائتمانية.
كما يجب على الآباء غرس التقوى، وضابط العقيدة في نفوس أبنائهم بالحسنى، والقدوة الحسنة، فهما القوة التي تحمي الجميع من خطر ما يواجه ديننا ومبادئنا، وإرثنا النقي الطاهر، فاستعدادنا يدفع الشر، واستعانتنا بالله تقضي عليه بإذن الله تعالى.
رحم الله شيخنا الفاضل علي الطنطاوي فقد ذكر في كتابه: ذكريات الشيخ علي الطنطاوي: ( أما الحرب التي تواجه الإسلام الآن فهي أشد وأنكى من كل ما كان، إنها عقول كبيرة جدًّا شريرة جدًّا، تمدها قوى قوية جدًّا، وأموال كثيرة جدًّا كل ذلك مُسَخَّرٌ لحرب الإسلام على خطط محكمة، والمسلمون أكثرهم غافلون يجد أعداؤهم ويهزلون ).
الخروج من التيه:
إن ما نشهده من تزعزع المسلمات عند البعض لن يستمر، وسيفرز المستقبل جيلاً جديدًا من الإسلاميين يمكن وصفهم بأنهم إسلاميو ما بعد التيه، ممن سيحملون هم هذه الأمة في مرحلة ما بعد التيه، وستخرج إلى العالم حضارة إسلامية تجمع القوة في حمل الأمانة مع المعاصرة في الآليات والوسائل، والأصالة في الغايات والمقاصد، وستشرق شمس الإسلام من جديد على العالم شرقه وغربه، عن مجلة البيان عدد 173.
ونقول أخيرًا:
كن أنت كن كما كنت
مسلمًا كما صنعت
فالغير لا يهم
وردد تسبيح القلب
واشدو وطر مع السرب
ولكن كما أنت وكما كنت
وكما خلقت