جبل الهدا
01-23-2014, 06:47 AM
مدارس بلا صندوق
التعليم البديل هو أحد الخيارات التي يمكن طرحها عند التفكير في التطوير بشكل إبداعي، إذ إننا به نغير طريقة تفكيرنا في تصميم المدرسة وبرامجها المطروحة
بما أن عبارة (التفكير خارج الصندوق) أصبحت مستهلكة في قطاع التعليم والتدريب، التجأ البعض إلى عبارة (التفكير بلا صندوق)، أي أنه لا يوجد صندوق أساسا حتى نفكر خارجه، ربما على طريقة أطلق العملاق الذي بداخلك وفكّر بلا حدود أو قيود. أجد أنه من الغريب جدا أن التفكير الإبداعي بصندوق أو بدونه مهارة تدرس في المدارس لطلابنا ويدرب عليها المعلم، لكن لم يستخدمها أبدا أي مفكر في مجال التعليم في خط سياسات ولوائح المدارس السعودية.
صراحة عندما أتخيل صندوق المدرسة أجد أن بداخله متاهة طويلة يدور فيها الطالب والمعلم والمشرف حتى ربما يصل أحدهم إلى الوجهة المطلوبة. أجد أن المنهج وتقاليد المجتمع تشكل جدران هذا الصندوق، فلا يجوز لأي طالبة أن تبدع في الرياضة بشكل احترافي، ولا يمكن لأي معلم أن يصمم ويضيف وحدة جديدة بموضوع يهم الطلاب لأن كل ذلك خارج عن الصندوق. المشكلة أننا عندما نقوم بأي تطوير فهو في إطار هذا الصندوق فبرامج التدريب والتطوير تدور في فلك فكري واحد لم نغيره منذ بدأ التعليم الرسمي لدينا.
منظومة التعليم العام بدأت بكل حسن نية لنشر العلم ومحو الأمية بشكل نظامي وموحد لضمان الانتشار لكل أبناء المملكة. ربما خدم هذا التنظيم أهداف الدولة أثناء فترة التأسيس لكن حاليا وجب التغيير، حيث الجودة وخدمة كل طالب بشكل فردي بناء على احتياجاته هو الأهم، وحيث إن طريقة النموذج الموحد الذي يخدم الكل "One size fits all" لم يعد يتماشى مع متطلبات عصرنا.
توجد حلول ونماذج مطبقة فعليا تختلف كثيرا عما لدينا في السعودية، كل نموذج هو عبارة عن طريقة وتوجه مختلف في فكره، وكل طريقة بالتأكيد لها محاسنها وعيوبها. فعلى سبيل المثال، يدعو التعليم البديل إلى إيجاد حلول تعليمية بعيدة عن المأسسة التي مشى بها قطاع التعليم بلا توقف خلال القرن الماضي. فالتعليم البديل، على عكس التعليم الرسمي، يسعى لتلبية احتياجات كل طالب بحيث تتم تنمية آماله ومواهبه ببرامج خاصة به بناء على اختياره الشخصي. مثل هذه المدارس تدعو إلى الحرية والديموقراطية من خلال تشكيل مجتمع مدرسي يمثل هذه الحقوق التي يشرف عليها الطلاب بأنفسهم. يلجأ العديد من أولياء الأمور لمدارس التعليم البديل حول العالم عندما يشعرون بأن المدرسة العادية لن تلبي احتياجات أبنائهم بالشكل المطلوب.
التعليم البديل هو أحد الخيارات التي يمكن طرحها عند التفكير في التطوير بشكل إبداعي، إذ إننا نغير طريقة تفكيرنا في تصميم المدرسة وبرامجها المطروحة. من الحلول الأخرى التي يمكن اتباعها تغيير سياسات المدرسة التقليدية بحيث تدعم كل طالب على حدة. فعلى سبيل المثال، لماذا يتم حجز الطالب لمدة 12 سنة داخل المدرسة إن كان بإمكانه التخرج في 10 سنوات؟ ولماذا يتم إجبار الطالب على التخرج بعد مضي 12 سنة إذا كان بطبيعته يحتاج لمزيد من الوقت للنجاح (بدون الرسوب طبعا)؟ لماذا لم توجد سياسة تعليمية صادرة من الوزارة تسمح لمزيد من المرونة في عامل الوقت الذي نمضيه داخل المدرسة؟ حتى جداول الحصص أجبرتنا على التفكير في نطاق 45 دقيقة فقط لا غير بغض النظر إن احتاج الطلاب إلى وقت أقل أو أكثر لتحقيق هدف معين.
من السياسات التي يمكن تغييرها إتاحة الوقت للمعلم بحيث يجتمع مع زملائه المعلمين مرة كل أسبوع لمناقشة التحديات التي تواجههم بطريقة احترافية. يمكن أيضا إتاحة الفرصة لهم لمناقشة التحديثات والتغييرات المجتمعية التي يجب تضمينها للمنهج بناء على تطلعات وأسئلة طلابهم. يمكننا أيضا التفكير في دور المدرسة بشكل شامل يتعدى نطاق المهارات الأكاديمية البحتة، مثل تدريب الطلاب على المهارات الرياضية الاحترافية، المهارات الشخصية، تهذيب النفس، العلاقات العامة. عندما تضع المدرسة مثل هذه البرامج في حصص نشاط تعطى مرة واحدة في الأسبوع، فالرسالة التي تصل للطالب إنها مجرد نشاط عابر غير مهم للنجاح. لكن عندما يختار الطالب مواد جدوله التي تشتمل على المواد الأكاديمية، الصحة والرياضة، المهارات الحياتية والاجتماعية بناء على احتياجه بإشراف من قبل المدرسة، فإن هذا الطالب سيسعى للنجاح وتطوير قدراته لأنه ببساطة استطاع اختيار ما سيتعلمه بالطريقة التي تناسبه. والأهم من ذلك لأننا وثقنا في هذا الطالب بأن يدير ويشرف على تعليمه وما يريده لنفسه على سبيل التغيير.
هذه التغييرات التي قد تندرج تحت بند التعليم البديل أو غيره من تغييرات في السياسات واللوائح تشبه إلى حد كبير نظام الكتاب القديم، حيث يجلس الطلاب في حلقات من اختيارهم مع أستاذ من اختيارهم وبناء على المستوى الذي يناسبهم. لا أدعو بأي شكل إلى إعادة إحياء نظام قديم، فنظام الكتاب كان ناجحا في زمن معين لمجتمع معين كان يربي أبناءه ومعلميه بشكل يختلف تماما عما يوجد لدينا الآن. لكن ربما نستطيع الاستفادة من النموذج أو الفكر الذي نجح سابقا ودمجه مع متطلبات عصرنا الحالي من خلال المدارس الرسمية.
استحداث المزيد من المبادرات لتعميم معايير لرفع الجودة، تطوير مناهج جديدة، تدريب المعلم على استراتيجيات حديثة، كلها أمثلة لمحاولات لا تجدي على المدى الطويل إذا لم يتغير نظام المدرسة لدعم فكر جديد ينظر للهدف من المدرسة بطريقة تسمح بوجود اختلافات في المخرجات تبعد عن النمطية والفكر المحدود الذي أنتجه التعليم العام.
سارة زيني 2014-01-23 12:38 AM
صحيفة الوطن
التعليم البديل هو أحد الخيارات التي يمكن طرحها عند التفكير في التطوير بشكل إبداعي، إذ إننا به نغير طريقة تفكيرنا في تصميم المدرسة وبرامجها المطروحة
بما أن عبارة (التفكير خارج الصندوق) أصبحت مستهلكة في قطاع التعليم والتدريب، التجأ البعض إلى عبارة (التفكير بلا صندوق)، أي أنه لا يوجد صندوق أساسا حتى نفكر خارجه، ربما على طريقة أطلق العملاق الذي بداخلك وفكّر بلا حدود أو قيود. أجد أنه من الغريب جدا أن التفكير الإبداعي بصندوق أو بدونه مهارة تدرس في المدارس لطلابنا ويدرب عليها المعلم، لكن لم يستخدمها أبدا أي مفكر في مجال التعليم في خط سياسات ولوائح المدارس السعودية.
صراحة عندما أتخيل صندوق المدرسة أجد أن بداخله متاهة طويلة يدور فيها الطالب والمعلم والمشرف حتى ربما يصل أحدهم إلى الوجهة المطلوبة. أجد أن المنهج وتقاليد المجتمع تشكل جدران هذا الصندوق، فلا يجوز لأي طالبة أن تبدع في الرياضة بشكل احترافي، ولا يمكن لأي معلم أن يصمم ويضيف وحدة جديدة بموضوع يهم الطلاب لأن كل ذلك خارج عن الصندوق. المشكلة أننا عندما نقوم بأي تطوير فهو في إطار هذا الصندوق فبرامج التدريب والتطوير تدور في فلك فكري واحد لم نغيره منذ بدأ التعليم الرسمي لدينا.
منظومة التعليم العام بدأت بكل حسن نية لنشر العلم ومحو الأمية بشكل نظامي وموحد لضمان الانتشار لكل أبناء المملكة. ربما خدم هذا التنظيم أهداف الدولة أثناء فترة التأسيس لكن حاليا وجب التغيير، حيث الجودة وخدمة كل طالب بشكل فردي بناء على احتياجاته هو الأهم، وحيث إن طريقة النموذج الموحد الذي يخدم الكل "One size fits all" لم يعد يتماشى مع متطلبات عصرنا.
توجد حلول ونماذج مطبقة فعليا تختلف كثيرا عما لدينا في السعودية، كل نموذج هو عبارة عن طريقة وتوجه مختلف في فكره، وكل طريقة بالتأكيد لها محاسنها وعيوبها. فعلى سبيل المثال، يدعو التعليم البديل إلى إيجاد حلول تعليمية بعيدة عن المأسسة التي مشى بها قطاع التعليم بلا توقف خلال القرن الماضي. فالتعليم البديل، على عكس التعليم الرسمي، يسعى لتلبية احتياجات كل طالب بحيث تتم تنمية آماله ومواهبه ببرامج خاصة به بناء على اختياره الشخصي. مثل هذه المدارس تدعو إلى الحرية والديموقراطية من خلال تشكيل مجتمع مدرسي يمثل هذه الحقوق التي يشرف عليها الطلاب بأنفسهم. يلجأ العديد من أولياء الأمور لمدارس التعليم البديل حول العالم عندما يشعرون بأن المدرسة العادية لن تلبي احتياجات أبنائهم بالشكل المطلوب.
التعليم البديل هو أحد الخيارات التي يمكن طرحها عند التفكير في التطوير بشكل إبداعي، إذ إننا نغير طريقة تفكيرنا في تصميم المدرسة وبرامجها المطروحة. من الحلول الأخرى التي يمكن اتباعها تغيير سياسات المدرسة التقليدية بحيث تدعم كل طالب على حدة. فعلى سبيل المثال، لماذا يتم حجز الطالب لمدة 12 سنة داخل المدرسة إن كان بإمكانه التخرج في 10 سنوات؟ ولماذا يتم إجبار الطالب على التخرج بعد مضي 12 سنة إذا كان بطبيعته يحتاج لمزيد من الوقت للنجاح (بدون الرسوب طبعا)؟ لماذا لم توجد سياسة تعليمية صادرة من الوزارة تسمح لمزيد من المرونة في عامل الوقت الذي نمضيه داخل المدرسة؟ حتى جداول الحصص أجبرتنا على التفكير في نطاق 45 دقيقة فقط لا غير بغض النظر إن احتاج الطلاب إلى وقت أقل أو أكثر لتحقيق هدف معين.
من السياسات التي يمكن تغييرها إتاحة الوقت للمعلم بحيث يجتمع مع زملائه المعلمين مرة كل أسبوع لمناقشة التحديات التي تواجههم بطريقة احترافية. يمكن أيضا إتاحة الفرصة لهم لمناقشة التحديثات والتغييرات المجتمعية التي يجب تضمينها للمنهج بناء على تطلعات وأسئلة طلابهم. يمكننا أيضا التفكير في دور المدرسة بشكل شامل يتعدى نطاق المهارات الأكاديمية البحتة، مثل تدريب الطلاب على المهارات الرياضية الاحترافية، المهارات الشخصية، تهذيب النفس، العلاقات العامة. عندما تضع المدرسة مثل هذه البرامج في حصص نشاط تعطى مرة واحدة في الأسبوع، فالرسالة التي تصل للطالب إنها مجرد نشاط عابر غير مهم للنجاح. لكن عندما يختار الطالب مواد جدوله التي تشتمل على المواد الأكاديمية، الصحة والرياضة، المهارات الحياتية والاجتماعية بناء على احتياجه بإشراف من قبل المدرسة، فإن هذا الطالب سيسعى للنجاح وتطوير قدراته لأنه ببساطة استطاع اختيار ما سيتعلمه بالطريقة التي تناسبه. والأهم من ذلك لأننا وثقنا في هذا الطالب بأن يدير ويشرف على تعليمه وما يريده لنفسه على سبيل التغيير.
هذه التغييرات التي قد تندرج تحت بند التعليم البديل أو غيره من تغييرات في السياسات واللوائح تشبه إلى حد كبير نظام الكتاب القديم، حيث يجلس الطلاب في حلقات من اختيارهم مع أستاذ من اختيارهم وبناء على المستوى الذي يناسبهم. لا أدعو بأي شكل إلى إعادة إحياء نظام قديم، فنظام الكتاب كان ناجحا في زمن معين لمجتمع معين كان يربي أبناءه ومعلميه بشكل يختلف تماما عما يوجد لدينا الآن. لكن ربما نستطيع الاستفادة من النموذج أو الفكر الذي نجح سابقا ودمجه مع متطلبات عصرنا الحالي من خلال المدارس الرسمية.
استحداث المزيد من المبادرات لتعميم معايير لرفع الجودة، تطوير مناهج جديدة، تدريب المعلم على استراتيجيات حديثة، كلها أمثلة لمحاولات لا تجدي على المدى الطويل إذا لم يتغير نظام المدرسة لدعم فكر جديد ينظر للهدف من المدرسة بطريقة تسمح بوجود اختلافات في المخرجات تبعد عن النمطية والفكر المحدود الذي أنتجه التعليم العام.
سارة زيني 2014-01-23 12:38 AM
صحيفة الوطن