جبل الهدا
04-05-2014, 12:23 PM
شراء ذمم... وضمور قيم
د. محمد سالم الغامدي
صحيفة المدينة
السبت 05/04/2014
يبدو أن مجتمعنا أصبح يشكو حالة التنامي في ممارسات شراء الذمم وضمور القيم بين بعض أفراده يومًا بعد يوم، ولعل مؤشرات ذلك الخلل الجسيم أصبحت بارزة بدرجة لافتة؛ تتضح من خلال تنامي تلك الممارسات والسلوكيات الحياتية التي لم تكن موجودة بهذه الصورة، ولا تمت إلى ديننا الحنيف ولا إلى القيم والسلوكيات الإنسانية الفاضلة بصلة، مما يستوجب الالتفات لذلك من قبل أجهزة التعليم والإعلام والتشريع، وحتى يكون تناولنا لهذه القضية صادقًا وموضوعيًا فسوف ندعمه ببعض الأمثلة المستمدة من معتركنا الاجتماعي الذي نعيشه حتى لا نتهم بالتزييف وإطلاق الأحكام الجائرة على المجتمع الذي ننتمي إليه ونتمنى أن يكون فاضلًا، كما حث على ذلك ديننا الإسلامي الحنيف، الذي أكد ضرورة الالتزام بالقيم والمبادئ الفاضلة والسلوكيات القويمة، هذا الدين الذي انطلق من على تراب أرضنا الطاهرة وانتشر إلى أصقاع الأرض على يد نبي الأمة ومشرّعها المصطفى من رب العالمين محمد بن عبدالله ذي الخلق العظيم صلى الله عليه وسلم الذي اختاره الله سبحانه من أطهر بقاعها.
ولعل الإيغال في سرد الأمثلة على تلك الممارسات يطول، لكن سنكتفي بذكر أبرزها وأكثرها انتشاراً في ميادين حياتية عدة في مجتمعنا، فعلى سبيل المثال: عندما يُسند مشروع ما إلى شركة ما، وبعد أن تكتب العقود فإن القائمين عليها يتحايلون على ذلك العقد، فيقومون بإسناد هذا المشروع إلى شركة أصغر بشروط أيسر ومبالغ أقل تحت غطاء شراء الذمم، ثم تحدث نفس الممارسة من الشركة الجديدة إلى شركة أخرى مع انحسار الشروط والمبالغ، وهكذا تحدث كوارث التنفيذ انطلاقًا من تلك الممارسة المذمومة.
وصورة أخرى عندما يقوم مراقب خدمات بمؤسسة خدمية عامة؛ بالكشف عن حالة المواقع في الميدان سواء كانت مواد استهلاكية أو مطاعم أو مبان أو نحو ذلك، فنراه يعود بعد أن ترك بعض حالات الفساد رابضة تعبث بالوطن وأفراده تحت مظلة شراء الذمم والتفريط في الأمانة الموكلة إليه.
وفي جانب آخر مختلف، نجد أن بعض وسائل الإعلام تحجم عن مناقشة بعض قضايا الفساد في جهةٍ ما بحجة أن تلك المؤسسة أو ذلك الشخص من كبار المعلنين لديها، فذلك يعني أن تلك الوسيلة الإعلامية قد تظللت بغطاء شراء الذمم وغيّرت مسار أهدافها.
وهناك صورة من صور الممارسات غير المقبولة والتي أرى نفسي شاهدًا عليها وأتابع أحداثها كل يوم، ويقيني أن هنالك المئات من شبيهاتها في مسارب الوطن، والصورة تتمثل في مجرى السيل الكائن بحي الصفا 9 بمدينة جدة، حيث صدر قبل عدة أعوام قرار بتغطية المجرى وتحويله إلى منطقة ترفيهية تتضمن ممشى ومقاهي ومطاعم، كما حدث في نفس المجرى بامتداد الغرب الذي نُفِّذ كما خُطّط له، لكن هذه المنطقة من المجرى اتخذت أداة استثمارية، حيث يشاهد أهل الحي أن كل فترة وجيزة تقوم أمانة جدة ممثلة في فرع المطار بإحداث إضافات باهتة ركيكة التنفيذ، لا تلبث أن يُعاد تنفيذها مرات ومرات، وكان آخرها إحاطة المجرى بسياجات حديدية وشبك لا جدوى منه بأي صورةٍ من الصور، بل العكس أحدثت تشويهًا بالغًا لتلك المنطقة، وقد ذهب بعض أفراد الحي إلى معالي الأمين للشكوى من ذلك المجرى الذي يتوسّط المدينة، وأفادوا أنه أصبح عبئًا كبيرًا لسكان الحي من حيث صعوبة حركة التنقل، خاصة أنه كان يُتّخذ ممشى لسكان الحي قبل العبث به.
وفي الختام، يقيني أن هنالك صور أخرى لتلك الممارسات غير المقبولة، لكن يبقى القول: من يُوقف تلك السلوكيات ومَن يُحاسب أصحابها؟! هل هي جهة محددة أم هي عملية تكاملية تشترك فيها كل الجهات وكل الأفراد؟ بالطبع ستبقى تلك التساؤلات مطروحة أمام كل من يهمه الأمر، علّنا نُوقف تدفق مثل تلك الحالات الفسادية في مجتمعنا، وإلا سيُعاد الحديث عنها مرات ومرات. والله من وراء القصد.
د. محمد سالم الغامدي
صحيفة المدينة
السبت 05/04/2014
يبدو أن مجتمعنا أصبح يشكو حالة التنامي في ممارسات شراء الذمم وضمور القيم بين بعض أفراده يومًا بعد يوم، ولعل مؤشرات ذلك الخلل الجسيم أصبحت بارزة بدرجة لافتة؛ تتضح من خلال تنامي تلك الممارسات والسلوكيات الحياتية التي لم تكن موجودة بهذه الصورة، ولا تمت إلى ديننا الحنيف ولا إلى القيم والسلوكيات الإنسانية الفاضلة بصلة، مما يستوجب الالتفات لذلك من قبل أجهزة التعليم والإعلام والتشريع، وحتى يكون تناولنا لهذه القضية صادقًا وموضوعيًا فسوف ندعمه ببعض الأمثلة المستمدة من معتركنا الاجتماعي الذي نعيشه حتى لا نتهم بالتزييف وإطلاق الأحكام الجائرة على المجتمع الذي ننتمي إليه ونتمنى أن يكون فاضلًا، كما حث على ذلك ديننا الإسلامي الحنيف، الذي أكد ضرورة الالتزام بالقيم والمبادئ الفاضلة والسلوكيات القويمة، هذا الدين الذي انطلق من على تراب أرضنا الطاهرة وانتشر إلى أصقاع الأرض على يد نبي الأمة ومشرّعها المصطفى من رب العالمين محمد بن عبدالله ذي الخلق العظيم صلى الله عليه وسلم الذي اختاره الله سبحانه من أطهر بقاعها.
ولعل الإيغال في سرد الأمثلة على تلك الممارسات يطول، لكن سنكتفي بذكر أبرزها وأكثرها انتشاراً في ميادين حياتية عدة في مجتمعنا، فعلى سبيل المثال: عندما يُسند مشروع ما إلى شركة ما، وبعد أن تكتب العقود فإن القائمين عليها يتحايلون على ذلك العقد، فيقومون بإسناد هذا المشروع إلى شركة أصغر بشروط أيسر ومبالغ أقل تحت غطاء شراء الذمم، ثم تحدث نفس الممارسة من الشركة الجديدة إلى شركة أخرى مع انحسار الشروط والمبالغ، وهكذا تحدث كوارث التنفيذ انطلاقًا من تلك الممارسة المذمومة.
وصورة أخرى عندما يقوم مراقب خدمات بمؤسسة خدمية عامة؛ بالكشف عن حالة المواقع في الميدان سواء كانت مواد استهلاكية أو مطاعم أو مبان أو نحو ذلك، فنراه يعود بعد أن ترك بعض حالات الفساد رابضة تعبث بالوطن وأفراده تحت مظلة شراء الذمم والتفريط في الأمانة الموكلة إليه.
وفي جانب آخر مختلف، نجد أن بعض وسائل الإعلام تحجم عن مناقشة بعض قضايا الفساد في جهةٍ ما بحجة أن تلك المؤسسة أو ذلك الشخص من كبار المعلنين لديها، فذلك يعني أن تلك الوسيلة الإعلامية قد تظللت بغطاء شراء الذمم وغيّرت مسار أهدافها.
وهناك صورة من صور الممارسات غير المقبولة والتي أرى نفسي شاهدًا عليها وأتابع أحداثها كل يوم، ويقيني أن هنالك المئات من شبيهاتها في مسارب الوطن، والصورة تتمثل في مجرى السيل الكائن بحي الصفا 9 بمدينة جدة، حيث صدر قبل عدة أعوام قرار بتغطية المجرى وتحويله إلى منطقة ترفيهية تتضمن ممشى ومقاهي ومطاعم، كما حدث في نفس المجرى بامتداد الغرب الذي نُفِّذ كما خُطّط له، لكن هذه المنطقة من المجرى اتخذت أداة استثمارية، حيث يشاهد أهل الحي أن كل فترة وجيزة تقوم أمانة جدة ممثلة في فرع المطار بإحداث إضافات باهتة ركيكة التنفيذ، لا تلبث أن يُعاد تنفيذها مرات ومرات، وكان آخرها إحاطة المجرى بسياجات حديدية وشبك لا جدوى منه بأي صورةٍ من الصور، بل العكس أحدثت تشويهًا بالغًا لتلك المنطقة، وقد ذهب بعض أفراد الحي إلى معالي الأمين للشكوى من ذلك المجرى الذي يتوسّط المدينة، وأفادوا أنه أصبح عبئًا كبيرًا لسكان الحي من حيث صعوبة حركة التنقل، خاصة أنه كان يُتّخذ ممشى لسكان الحي قبل العبث به.
وفي الختام، يقيني أن هنالك صور أخرى لتلك الممارسات غير المقبولة، لكن يبقى القول: من يُوقف تلك السلوكيات ومَن يُحاسب أصحابها؟! هل هي جهة محددة أم هي عملية تكاملية تشترك فيها كل الجهات وكل الأفراد؟ بالطبع ستبقى تلك التساؤلات مطروحة أمام كل من يهمه الأمر، علّنا نُوقف تدفق مثل تلك الحالات الفسادية في مجتمعنا، وإلا سيُعاد الحديث عنها مرات ومرات. والله من وراء القصد.