جبل الهدا
10-09-2014, 06:57 AM
المعلم.. رمز الحضارة الإنسانية
مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم، يحتاج أرواحًا نذرت نفسها لخدمة التعليم، وهمم لا ترضى إلا بالعلياء والريادة والتميز، أنت المعلم ومن غيرك لها بإذن الله
منى يوسف حمدان
الخميس 09/10/2014
صحيفة المدينة
في الخامس من أكتوبر من كل عام يحتفي العالم بأسره بك أيها المعلم، يوم عالمي يؤرخ فضلك ومكانتك وكل الأيام لك أنت، ولكن هذا التاريخ تحديدًا لنقول لك: دمت قائدًا مربيًا مؤثرًا في النشء تُعلِّم وتُربِّي.
شعار أطلقته منظمة اليونسكو (استثمروا في المستقبل، استثمروا في المعلمين)، دومًا الإنسان هو محط الأنظار وهو باني الحضارة، وأنت أيها المعلم رمز لهذه الحضارة التي يكتب أمجادها بني البشر، وأنت من يتعلَّم على يديك أجيال متعاقبة من الطلاب تنقش في عقولهم العلم، مع إكسابهم المهارات وصقل الخبرات.
تتعايش معهم وتتفاعل مع أصعب الأمور والمواقف، لأن النفس البشرية تحتاج إلى من يتوغَّل في مكنوناتها ويعالج سلبياتها كما يُقوِّم المعوج من السلوكيات، ويُعزِّز القيم ويحث عليها، وهذا هو ديدن المعلمين والمعلمات في كل أرجاء الأرض إن استثمروا وقتهم في تربية أنفسهم أولًا، فهم القدوة الحية التي يحرص طلابهم دومًا على متابعتهم في أدق التفاصيل.
كلما كنت أيها المعلم قريبًا من قلوب طلابك محبًا لهم، كلما سهل عليك كثيرًا من التعب والشقاء في التعامل مع شخصيات قد لا تروق لك، وقد يصعب التعامل والتعاطي معها.
في حياة كل منّا شخصيات حفرت في ذاكرتنا، وفي قلوبنا مكان ومكانة لا تمحيها الأيام والليالي، نعم هؤلاء لم يكن عطاؤهم عاديًا، لذلك كان تأثيرهم يفوق حدود الزمان والمكان، ويبقى أثرهم وإن غادروا الدنيا، فتحكي لنا كتب وسجلات التاريخ عن آثارهم، لذا من أوفى الوفاء أن نُسطِّر بمدادٍ من الذهب وكنوز الأرض كلها سِيَر العظماء من المعلمين والمعلمات في وطني، ونُعلِّم أبناءنا شيئًا من سيرتهم العطرة لنكن أكثر وفاء وأكثر جودا وإخلاصا معهم فهم يستحقون.
لكل معلم متميز ومعلمة متميزة قصة نجاح صاحبها ذكريات جميلة ومواقف للتاريخ تحتاج للتوثيق لنتعلم منها كيف يكون درب التميز دائمًا مع من سار عليه سيصل بإذن الله.
القصة تبدأ من إيمان عميق برسالة سامية تخلد ذكرى ومسيرة الأنبياء والرسل عليهم السلام.
عندما سألت أبي -حفظه الله- والذي أتعلم في مدرسته كل يوم: لماذا رفضت أن يُقام لك حفل تكريم بعد أربعين عامًا قضيتها في أروقة المدارس، قال لي كلمة لا تُنسى، حفرتها في ذاكرتي، وسأعمل بها ما حييت، قال: يا ابنتي أنا كنت أؤدي واجبي نحو مهنة أحببت، وكانت هي رسالتي في حياتي ودوري الذي استعملني الله لأقوم به، وتكريمي حصلت عليه من طلابي الذين درست، ما دخلت مكانا ولا ارتدت دائرة حكومية إلا وأكرمني الله بأحد طلابي ليقدموا لي ما أحتاج إليه وكلي فخر بهم وبما وصلوا إليه من مواقع قيادية يخدمون بها وطنهم في كل مكان. هذا يا ابنتي تكريم الله لي بأن متعني بحياة أرى فيها ثمرات جهدي وتعبي وسهر الليالي الطوال أتعلم وأعلم.
المعلم الناجح هو ذلك الشخص التواق دومًا للمعالي، والذي لا يتوقف أبدًا عن التعليم والاستزادة من مناهل المعرفة الحديثة، يعمل بموجب نظريات التعلم المتطورة ويحسن من أدائه باستمرار وفق مفاهيم الجودة العالمية. الجودة التي تتحول من نظريات ومعلومات ومعايير إلى سلوكيات ونهج حياة يومي ومؤشرات أداء يتم قياسها، ومن ثم نستطيع أن نعرف مواطن القوة فنعززها، ومواطن الضعف فنعالجها، ونواجه كل التحديات وفق المتاح من الفرص والإمكانات.
عالمنا اليوم المتغير بسرعة البرق أو أسرع يحتاج إلى جهد مضاعف وسباق وتحد مع الزمن لنواكب مشروعات التطوير.
فمشروع ضخم باسم الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم العام يحتاج شخصيات قيادية وأرواحا نذرت نفسها لخدمة التعليم في هذا الوطن المقدس وهمم لا ترضى إلا بالعلياء والريادة والتميز.
أنت المعلم ومن غيرك لها بإذن الله، لك من كل أفراد المجتمع حبًا واحترامًا وتقديرًا وإجلالًا وعلو مكانة، نفخر بوجودك ونعتز بعطائك ونقدر لك كل جهودك ونثني عليك وندعو لك بكل خير.
ألا يكفيك أيها المعلم أن الملائكة تشهد بجليل صنعك وتسجل لك حسنات تتوالى وتتضاعف بكل حرف وبكل أثر وبكل إنسان غيّرت من حاله ونقلته من ظلمات الجهل إلى نور العلم.
أنت اليوم تتحمل مسؤولية أكبر وأعظم في زمن استهدف فيه الشباب من تيارات عدة، وأولادنا أمانة بين يديك، وقد أصبح الأمن الفكري اليوم ضرورة ملحة وواجبا دينيا ووطنيا.
معا لنزرع الأمل في الغد الأجمل لوطننا الحبيب، ولنعلي من شأن من يربي أبناءنا ويرشدهم إلى سواء السبيل.
اللهم احفظ كل معلم ومعلمة، وبارك لهم وبارك عليهم وزدهم نورًا من نورك، وفضلًا من فضلك، وارفع قدرهم في الدنيا والآخرة وزدهم علما.
اللهم أسألك أن تضاعف حسنات كل من علمني حرفا، وبارك في أعمار الأحياء منهم واغفر وارحم الأموات، واجعلهم عندك في أعلى درجات الجنان وبجوار سيد الأنام.
مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم، يحتاج أرواحًا نذرت نفسها لخدمة التعليم، وهمم لا ترضى إلا بالعلياء والريادة والتميز، أنت المعلم ومن غيرك لها بإذن الله
منى يوسف حمدان
الخميس 09/10/2014
صحيفة المدينة
في الخامس من أكتوبر من كل عام يحتفي العالم بأسره بك أيها المعلم، يوم عالمي يؤرخ فضلك ومكانتك وكل الأيام لك أنت، ولكن هذا التاريخ تحديدًا لنقول لك: دمت قائدًا مربيًا مؤثرًا في النشء تُعلِّم وتُربِّي.
شعار أطلقته منظمة اليونسكو (استثمروا في المستقبل، استثمروا في المعلمين)، دومًا الإنسان هو محط الأنظار وهو باني الحضارة، وأنت أيها المعلم رمز لهذه الحضارة التي يكتب أمجادها بني البشر، وأنت من يتعلَّم على يديك أجيال متعاقبة من الطلاب تنقش في عقولهم العلم، مع إكسابهم المهارات وصقل الخبرات.
تتعايش معهم وتتفاعل مع أصعب الأمور والمواقف، لأن النفس البشرية تحتاج إلى من يتوغَّل في مكنوناتها ويعالج سلبياتها كما يُقوِّم المعوج من السلوكيات، ويُعزِّز القيم ويحث عليها، وهذا هو ديدن المعلمين والمعلمات في كل أرجاء الأرض إن استثمروا وقتهم في تربية أنفسهم أولًا، فهم القدوة الحية التي يحرص طلابهم دومًا على متابعتهم في أدق التفاصيل.
كلما كنت أيها المعلم قريبًا من قلوب طلابك محبًا لهم، كلما سهل عليك كثيرًا من التعب والشقاء في التعامل مع شخصيات قد لا تروق لك، وقد يصعب التعامل والتعاطي معها.
في حياة كل منّا شخصيات حفرت في ذاكرتنا، وفي قلوبنا مكان ومكانة لا تمحيها الأيام والليالي، نعم هؤلاء لم يكن عطاؤهم عاديًا، لذلك كان تأثيرهم يفوق حدود الزمان والمكان، ويبقى أثرهم وإن غادروا الدنيا، فتحكي لنا كتب وسجلات التاريخ عن آثارهم، لذا من أوفى الوفاء أن نُسطِّر بمدادٍ من الذهب وكنوز الأرض كلها سِيَر العظماء من المعلمين والمعلمات في وطني، ونُعلِّم أبناءنا شيئًا من سيرتهم العطرة لنكن أكثر وفاء وأكثر جودا وإخلاصا معهم فهم يستحقون.
لكل معلم متميز ومعلمة متميزة قصة نجاح صاحبها ذكريات جميلة ومواقف للتاريخ تحتاج للتوثيق لنتعلم منها كيف يكون درب التميز دائمًا مع من سار عليه سيصل بإذن الله.
القصة تبدأ من إيمان عميق برسالة سامية تخلد ذكرى ومسيرة الأنبياء والرسل عليهم السلام.
عندما سألت أبي -حفظه الله- والذي أتعلم في مدرسته كل يوم: لماذا رفضت أن يُقام لك حفل تكريم بعد أربعين عامًا قضيتها في أروقة المدارس، قال لي كلمة لا تُنسى، حفرتها في ذاكرتي، وسأعمل بها ما حييت، قال: يا ابنتي أنا كنت أؤدي واجبي نحو مهنة أحببت، وكانت هي رسالتي في حياتي ودوري الذي استعملني الله لأقوم به، وتكريمي حصلت عليه من طلابي الذين درست، ما دخلت مكانا ولا ارتدت دائرة حكومية إلا وأكرمني الله بأحد طلابي ليقدموا لي ما أحتاج إليه وكلي فخر بهم وبما وصلوا إليه من مواقع قيادية يخدمون بها وطنهم في كل مكان. هذا يا ابنتي تكريم الله لي بأن متعني بحياة أرى فيها ثمرات جهدي وتعبي وسهر الليالي الطوال أتعلم وأعلم.
المعلم الناجح هو ذلك الشخص التواق دومًا للمعالي، والذي لا يتوقف أبدًا عن التعليم والاستزادة من مناهل المعرفة الحديثة، يعمل بموجب نظريات التعلم المتطورة ويحسن من أدائه باستمرار وفق مفاهيم الجودة العالمية. الجودة التي تتحول من نظريات ومعلومات ومعايير إلى سلوكيات ونهج حياة يومي ومؤشرات أداء يتم قياسها، ومن ثم نستطيع أن نعرف مواطن القوة فنعززها، ومواطن الضعف فنعالجها، ونواجه كل التحديات وفق المتاح من الفرص والإمكانات.
عالمنا اليوم المتغير بسرعة البرق أو أسرع يحتاج إلى جهد مضاعف وسباق وتحد مع الزمن لنواكب مشروعات التطوير.
فمشروع ضخم باسم الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم العام يحتاج شخصيات قيادية وأرواحا نذرت نفسها لخدمة التعليم في هذا الوطن المقدس وهمم لا ترضى إلا بالعلياء والريادة والتميز.
أنت المعلم ومن غيرك لها بإذن الله، لك من كل أفراد المجتمع حبًا واحترامًا وتقديرًا وإجلالًا وعلو مكانة، نفخر بوجودك ونعتز بعطائك ونقدر لك كل جهودك ونثني عليك وندعو لك بكل خير.
ألا يكفيك أيها المعلم أن الملائكة تشهد بجليل صنعك وتسجل لك حسنات تتوالى وتتضاعف بكل حرف وبكل أثر وبكل إنسان غيّرت من حاله ونقلته من ظلمات الجهل إلى نور العلم.
أنت اليوم تتحمل مسؤولية أكبر وأعظم في زمن استهدف فيه الشباب من تيارات عدة، وأولادنا أمانة بين يديك، وقد أصبح الأمن الفكري اليوم ضرورة ملحة وواجبا دينيا ووطنيا.
معا لنزرع الأمل في الغد الأجمل لوطننا الحبيب، ولنعلي من شأن من يربي أبناءنا ويرشدهم إلى سواء السبيل.
اللهم احفظ كل معلم ومعلمة، وبارك لهم وبارك عليهم وزدهم نورًا من نورك، وفضلًا من فضلك، وارفع قدرهم في الدنيا والآخرة وزدهم علما.
اللهم أسألك أن تضاعف حسنات كل من علمني حرفا، وبارك في أعمار الأحياء منهم واغفر وارحم الأموات، واجعلهم عندك في أعلى درجات الجنان وبجوار سيد الأنام.