إرادة
04-06-2011, 12:03 PM
تلميح وتصريح
سادية التعقيد
حمود أبو طالب
من إبداعاتنا وخصوصيتنا المتميزة أننا نحول أي حل، أو محاولة للحل إلى مشكلة أخرى. نتفنن في البحث عن عقدة جديدة، ونخلقها إذا لم تكن موجودة. يؤذينا أن نعطي المواطن حقه بسهولة ونشعره أن هذا واجبنا كمسؤولين، ونستمتع عندما نشاهده يطالب ويتسول حقه المشروع، ونشعر بلذة سادية عندما نجبره على الشكوى والتوسل.
خذوا أقرب مثال على هذه الحقيقة بعد صدور الأوامر الملكية الأخيرة. لقد تحولت بعض أوامر الخير إلى مشكلة للمواطنين الذين استبشروا بها، وبدأت الأسئلة تتكاثر والحيرة تزداد، وبعض المسؤولين يتصرفون وكأنهم الذين تفضلوا بإصدار الأوامر وتناسوا أنهم ليسوا سوى منفذين لها، وأن واجبهم استخلاص أكبر قدر من الفوائد التي تتضمنها وليس إضفاء التعقيدات عليها.
لقد تحدثنا عن هذا الموضوع بشكل عام بعد صدور الأوامر، واليوم سوف نتحدث عن ما حفلت به الصحف من أخبار خلال اليومين الماضيين بشأن مطالبات معلمات محو الأمية بتثبيتهن على وظائف وخروج مجموعات منهن للمطالبة بحقوقهن أمام فروع وزارة الخدمة المدنية. كان الجواب سريعا بتشغيل اسطوانة السجال بين وزارة الخدمة ووزارة التربية والتعليم.
الأولى تقول إن الثانية لم تضم هذه الفئة من المعلمات في بياناتها، والثانية صامتة كالعادة.
ونجزم أن القضية ستطول وستنتهي إلى لا شيء إذا لم تحسم من جهات عليا..
الأوامر الملكية لا تذكر تفاصيل التفاصيل، وليس من مهامها توجيه الوزارات كيف توظفها لصالح المواطن لأن ذلك هو الهدف الأساسي للأوامر وعلى جهات التنفيذ أن تفهم جيدا هذا الهدف وتحوله إلى إجراءات تنفيذية سريعة. الأوامر الملكية لا تستثني ولكن مزاج المسؤولين هو الذي يستثني ويعطل.. هذه العينة من المسؤولين تسيء للمواطن والدولة وتطيل أمد المشاكل وتولد الاحتقان في نفوس المستبشرين الذين لاح لهم الأمل بعد طول انتظار.. واجبهم أن يكونوا مع المواطن لا عليهن ومهمتهم تسهيل أموره لا تعقيدها، لكنهم لن يفعلوا ذلك طالما هم خارج نطاق المساءلة.
****************************************
على شارعين
طمس الأمية !
خلف الحربي
لا أعلم من هو أول شخص ابتكر مصطلح (محو الأمية) للدلالة على تعليم الكبار، ولكنه في كل الأحوال انطلق من فكرة خاطئة؛ لأن المحو يكون لما هو مكتوب، بينما الأمية حالة تخلو من الكتابة، ومحوها يعني إنهاك الممحاة في ورقة بيضاء؛ لذلك يجب تغيير مصطلح تعليم الكبار ليصبح (طمس الأمية)؛ لأننا قوم اعتادوا على طمس الأشياء التي لا يودون رؤيتها.
أشعر بأنني تفلسفت عليكم في قضية لا تستحق الفلسفة.. (معليش) لست الوحيد الذي يتفلسف هذه الأيام، ويكفي أن تتابعوا حماسة الوزارات ــ وخصوصا ثلاثي المالية والخدمة المدنية والتربية والتعليم ــ لتحويل قرار ترسيم موظفي البنود إلى حزمة كبيرة من الاستثناءات، حتى لم يعد ثمة بند لم يسلم من عبارة (ويستثنى من ذلك..)، وأظن أنه في الحلقة الأخيرة من المسلسل سوف تصدر الوزارات الثلاث بيانا تؤكد فيه أنها لم تجد متعاقدا واحدا تنطبق عليه الشروط المبتكرة لترسيم موظفي البنود (ويستثنى من ذلك الوظائف التي لم يرد ذكرها في الاستثناءات!).
ومن أبرز ضحايا لعبة الاستثناء المزدهرة هذه الأيام معلمات محو الأمية للفترة المسائية، حيث تم استبعادهن بطريقة لا يقبلها عقل، رغم أنهن مواطنات وخريجات حالهن كحال بقية المعلمات اللواتي سيتم ترسيمهن، ولم يخترن الفترة المسائية بمزاجهن، وبعضهن خدم لسنوات طويلة في ظروف مهنية غير عادلة، وقبلن بذلك وتجرعن المرارة لأنهن لا يمكن خيارا آخر.
فمن الذي أمسك بالممحاة ليمحو مستقبل معلمات محو الأمية؟، ما الذي يستفيده من هذا الإجراء، لا شيء.. بالتأكيد لا شيء، فالأمر الملكي واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، ويشمل جميع المتعاقدين، ولكن ماذا نقول سوى (الرازق في السماء والحاسد في الأرض؟)؟!.
إن المنطق والعقل يقولان بأن المواطن المتعاقد الذي يقوم بالعمل ذاته الذي يقوم به مواطن آخر على وظيفة رسمية هو ضحية وضع إداري معين؛ لذلك فإن الوزارات المعنية يجب أن تستغل أقرب فرصة لتصحيح وضعه، وضم سنوات الخدمة التي قضاها قبل الترسيم إلى رصيده التقاعدي، وهذا المبدأ معمول به في العديد من الدول العربية، ولكن عندنا يجب أن يتحمل المتعاقد خطأ قبوله بالحل المؤقت الذي قدمته له جهة العمل الرسمية للاستفادة من خدماته.
وفي قضايا المعلمين والمعلمات تبدو المسألة أكثر تعقيدا؛ لأن المعلم يدخل كلية من أجل توظيفه في قطاع محدد، ولا يجوز تحميله ثمن ضعف التخطيط بين الوزارات، ولكم أن تتخيلوا شابا يدخل الكلية العسكرية، وحين يتخرج لا يجد عملا، أو تعرض عليه وظيفة ضابط على بند الأجور!.
نعود إلى قضية معلمات محو الأمية للفترة المسائية، ونؤكد أن ما تعرضن له هو ظلم مكشوف، وأنه إذا لم تحل قضيتهن هذه الأيام فإن أعمارهن سوف تذهب سدى.. وذنبهن برقبة المسؤول الذي وقع قرار الاستثناء .
************************
ورقة ود
المتجمهرات .. بين الحـق والبـاطـل !
جهير بنت عبدالله المساعد
بالأمس، تحدثت الصحف الورقية والإلكترونية عن مجموعة من معلمات محو الأمية المسائية الراغبات في ترسيمهن إنفاذا للأمر السامي الكريم.. كن متجمهرات وواقفات أمام بوابات أشهر وزارتين في لعبة تبادل الكرات!! وفي الصور المنشورة لهن.. لفت نظري كاميرات الجوالات في أيدي بعض الواقفات وهن يحرصن على تسجيل الموقف بالكاميرا.. السؤال الذي يفرض نفسه: لماذا التصوير؟! نعم القضية هامة.. وتحتاج إلى صوت يعبر عنها.. فلماذا الصورة؟! ليه التصوير؟!! الصور بالجوال أصبحت من وسائل الضغط الجديدة المستخدمة في مناقشة القضايا المصيرية بترويجها ونشرها عبر «التويتر» و«الفيسبوك» والإنترنت.. كشاهد إثبات ودليل خروج عن المألوف!! والبعض من المشاركين أو المشاركات في المواقف المصورة يصورون ما يجري وهم فيه أطراف كي لا يفوتهم الاستعراض بما فعلوه على اعتباره موقف قوة يستدعي الفخر والاعتزاز!! ويستدعي المباهاة والتصفيق!! ومما لا شك فيه أن معلمات محو الأمية صاحبات قضية حق!! لكن، لا يجب قط منح الفرصة لمن يريد الحق بالباطل! أو لمن يقول كلمة حق ويراد بها باطل!! أنت صاحب قضية لا بأس، أما أن يتم استعمال القضية بطريقة (علي وعلى أعدائي)، أو بطريقة (أنا ومن بعدي الطوفان)، أو بطريقة (إذا مت ظمآنا... فلا نزل القطر)!!، فهذا يعني أن أصحاب الحق صاروا دعاة باطل! وأن الضحية قام بدور المجرم، وأن الانتصار المشبوه أقسى من الهزيمة المرة!! نحن لا نختلف على ضرورة البوح في مقاومة الظلم! لكن لا نحارب الظلم بظلم! ولا نؤذي الوطن في سبيل مصلحة أفراد!! ولا نحاول تلطيخ البراءة بتجاوزات اللحظة التي تقع فيها بين فكي الرحى: الشعور بالظلم، والشعور بالحقد والانتقام!! هنا لا بد من التوقف والتفكر أمام مغامرة التعبير بقوة الصوت والصورة، نتساءل: لمصلحة من؟! ولا بد أن لا نكون (ذاتيين) فقط وننسى ذات الوطن!! قد يكون في بعض الأحيان أن لا حل إلا بالقوة.. إنما ليس باستعمال أدوات القوة.. لفرض القوة؛ لأن هذا هو الخطأ الجسيم الذي لا يصح ارتكابه لمحو خطأ يسبقه!! يعني الأخطاء لا تعالج بالأخطاء! ومثل هذه القضايا المصيرية تأثرت بالسائد في المنطقة العربية في الوقت الراهن، والظاهر في اليافطات والمعلقات والعبارات المحمولة على الأيادي والأكتاف!!.. ذلك يعني أن عمليات التكتم والتستر والتجاهل والتخويف لم تعد مجدية!، ولن تؤدي إلى نتائج مفيدة لصالح الوطن والناس. زمان كان سهلا نفي الخبر أو السكوت عنه أو التكتم عليه أو قول لم يصلنا شيء!! اليوم هذه المخارج أصبحت مسدودة! وهذه الطرق لم تعد مفتوحة أمام الإدارات والوزارات! وعبارة «ما درينا» لم تعد صالحة للاستعمال وانتهى تاريخ صلاحيتها!! وهذا ما يجب أن تنتبه له وتدركه تماما الجهات المعنية بقضايا الناس وخدماتهم!! نحن جميعا نحمل الوطن لا غيره على أكتافنا، ونعبر به المرحلة الشائكة، فلا تجعلوا من قضايا معلقة أسبابا للإساءة إلى سمعة الوطن! فما أكثر الحلول لقضايا التوظيف في التعليم، ومنع هذه النتواءات فيه، ومسح البثور عنه، لكن المشكلة أن النوايا وحدها لا تكفي، وأن هذه القضايا بين أيدٍ غير واعية بالحلول، كل ما تقوم به تمرير القضية من وزارة إلى أخرى.. وكان الله في عونك يا وطن.
*****************************************
سادية التعقيد
حمود أبو طالب
من إبداعاتنا وخصوصيتنا المتميزة أننا نحول أي حل، أو محاولة للحل إلى مشكلة أخرى. نتفنن في البحث عن عقدة جديدة، ونخلقها إذا لم تكن موجودة. يؤذينا أن نعطي المواطن حقه بسهولة ونشعره أن هذا واجبنا كمسؤولين، ونستمتع عندما نشاهده يطالب ويتسول حقه المشروع، ونشعر بلذة سادية عندما نجبره على الشكوى والتوسل.
خذوا أقرب مثال على هذه الحقيقة بعد صدور الأوامر الملكية الأخيرة. لقد تحولت بعض أوامر الخير إلى مشكلة للمواطنين الذين استبشروا بها، وبدأت الأسئلة تتكاثر والحيرة تزداد، وبعض المسؤولين يتصرفون وكأنهم الذين تفضلوا بإصدار الأوامر وتناسوا أنهم ليسوا سوى منفذين لها، وأن واجبهم استخلاص أكبر قدر من الفوائد التي تتضمنها وليس إضفاء التعقيدات عليها.
لقد تحدثنا عن هذا الموضوع بشكل عام بعد صدور الأوامر، واليوم سوف نتحدث عن ما حفلت به الصحف من أخبار خلال اليومين الماضيين بشأن مطالبات معلمات محو الأمية بتثبيتهن على وظائف وخروج مجموعات منهن للمطالبة بحقوقهن أمام فروع وزارة الخدمة المدنية. كان الجواب سريعا بتشغيل اسطوانة السجال بين وزارة الخدمة ووزارة التربية والتعليم.
الأولى تقول إن الثانية لم تضم هذه الفئة من المعلمات في بياناتها، والثانية صامتة كالعادة.
ونجزم أن القضية ستطول وستنتهي إلى لا شيء إذا لم تحسم من جهات عليا..
الأوامر الملكية لا تذكر تفاصيل التفاصيل، وليس من مهامها توجيه الوزارات كيف توظفها لصالح المواطن لأن ذلك هو الهدف الأساسي للأوامر وعلى جهات التنفيذ أن تفهم جيدا هذا الهدف وتحوله إلى إجراءات تنفيذية سريعة. الأوامر الملكية لا تستثني ولكن مزاج المسؤولين هو الذي يستثني ويعطل.. هذه العينة من المسؤولين تسيء للمواطن والدولة وتطيل أمد المشاكل وتولد الاحتقان في نفوس المستبشرين الذين لاح لهم الأمل بعد طول انتظار.. واجبهم أن يكونوا مع المواطن لا عليهن ومهمتهم تسهيل أموره لا تعقيدها، لكنهم لن يفعلوا ذلك طالما هم خارج نطاق المساءلة.
****************************************
على شارعين
طمس الأمية !
خلف الحربي
لا أعلم من هو أول شخص ابتكر مصطلح (محو الأمية) للدلالة على تعليم الكبار، ولكنه في كل الأحوال انطلق من فكرة خاطئة؛ لأن المحو يكون لما هو مكتوب، بينما الأمية حالة تخلو من الكتابة، ومحوها يعني إنهاك الممحاة في ورقة بيضاء؛ لذلك يجب تغيير مصطلح تعليم الكبار ليصبح (طمس الأمية)؛ لأننا قوم اعتادوا على طمس الأشياء التي لا يودون رؤيتها.
أشعر بأنني تفلسفت عليكم في قضية لا تستحق الفلسفة.. (معليش) لست الوحيد الذي يتفلسف هذه الأيام، ويكفي أن تتابعوا حماسة الوزارات ــ وخصوصا ثلاثي المالية والخدمة المدنية والتربية والتعليم ــ لتحويل قرار ترسيم موظفي البنود إلى حزمة كبيرة من الاستثناءات، حتى لم يعد ثمة بند لم يسلم من عبارة (ويستثنى من ذلك..)، وأظن أنه في الحلقة الأخيرة من المسلسل سوف تصدر الوزارات الثلاث بيانا تؤكد فيه أنها لم تجد متعاقدا واحدا تنطبق عليه الشروط المبتكرة لترسيم موظفي البنود (ويستثنى من ذلك الوظائف التي لم يرد ذكرها في الاستثناءات!).
ومن أبرز ضحايا لعبة الاستثناء المزدهرة هذه الأيام معلمات محو الأمية للفترة المسائية، حيث تم استبعادهن بطريقة لا يقبلها عقل، رغم أنهن مواطنات وخريجات حالهن كحال بقية المعلمات اللواتي سيتم ترسيمهن، ولم يخترن الفترة المسائية بمزاجهن، وبعضهن خدم لسنوات طويلة في ظروف مهنية غير عادلة، وقبلن بذلك وتجرعن المرارة لأنهن لا يمكن خيارا آخر.
فمن الذي أمسك بالممحاة ليمحو مستقبل معلمات محو الأمية؟، ما الذي يستفيده من هذا الإجراء، لا شيء.. بالتأكيد لا شيء، فالأمر الملكي واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، ويشمل جميع المتعاقدين، ولكن ماذا نقول سوى (الرازق في السماء والحاسد في الأرض؟)؟!.
إن المنطق والعقل يقولان بأن المواطن المتعاقد الذي يقوم بالعمل ذاته الذي يقوم به مواطن آخر على وظيفة رسمية هو ضحية وضع إداري معين؛ لذلك فإن الوزارات المعنية يجب أن تستغل أقرب فرصة لتصحيح وضعه، وضم سنوات الخدمة التي قضاها قبل الترسيم إلى رصيده التقاعدي، وهذا المبدأ معمول به في العديد من الدول العربية، ولكن عندنا يجب أن يتحمل المتعاقد خطأ قبوله بالحل المؤقت الذي قدمته له جهة العمل الرسمية للاستفادة من خدماته.
وفي قضايا المعلمين والمعلمات تبدو المسألة أكثر تعقيدا؛ لأن المعلم يدخل كلية من أجل توظيفه في قطاع محدد، ولا يجوز تحميله ثمن ضعف التخطيط بين الوزارات، ولكم أن تتخيلوا شابا يدخل الكلية العسكرية، وحين يتخرج لا يجد عملا، أو تعرض عليه وظيفة ضابط على بند الأجور!.
نعود إلى قضية معلمات محو الأمية للفترة المسائية، ونؤكد أن ما تعرضن له هو ظلم مكشوف، وأنه إذا لم تحل قضيتهن هذه الأيام فإن أعمارهن سوف تذهب سدى.. وذنبهن برقبة المسؤول الذي وقع قرار الاستثناء .
************************
ورقة ود
المتجمهرات .. بين الحـق والبـاطـل !
جهير بنت عبدالله المساعد
بالأمس، تحدثت الصحف الورقية والإلكترونية عن مجموعة من معلمات محو الأمية المسائية الراغبات في ترسيمهن إنفاذا للأمر السامي الكريم.. كن متجمهرات وواقفات أمام بوابات أشهر وزارتين في لعبة تبادل الكرات!! وفي الصور المنشورة لهن.. لفت نظري كاميرات الجوالات في أيدي بعض الواقفات وهن يحرصن على تسجيل الموقف بالكاميرا.. السؤال الذي يفرض نفسه: لماذا التصوير؟! نعم القضية هامة.. وتحتاج إلى صوت يعبر عنها.. فلماذا الصورة؟! ليه التصوير؟!! الصور بالجوال أصبحت من وسائل الضغط الجديدة المستخدمة في مناقشة القضايا المصيرية بترويجها ونشرها عبر «التويتر» و«الفيسبوك» والإنترنت.. كشاهد إثبات ودليل خروج عن المألوف!! والبعض من المشاركين أو المشاركات في المواقف المصورة يصورون ما يجري وهم فيه أطراف كي لا يفوتهم الاستعراض بما فعلوه على اعتباره موقف قوة يستدعي الفخر والاعتزاز!! ويستدعي المباهاة والتصفيق!! ومما لا شك فيه أن معلمات محو الأمية صاحبات قضية حق!! لكن، لا يجب قط منح الفرصة لمن يريد الحق بالباطل! أو لمن يقول كلمة حق ويراد بها باطل!! أنت صاحب قضية لا بأس، أما أن يتم استعمال القضية بطريقة (علي وعلى أعدائي)، أو بطريقة (أنا ومن بعدي الطوفان)، أو بطريقة (إذا مت ظمآنا... فلا نزل القطر)!!، فهذا يعني أن أصحاب الحق صاروا دعاة باطل! وأن الضحية قام بدور المجرم، وأن الانتصار المشبوه أقسى من الهزيمة المرة!! نحن لا نختلف على ضرورة البوح في مقاومة الظلم! لكن لا نحارب الظلم بظلم! ولا نؤذي الوطن في سبيل مصلحة أفراد!! ولا نحاول تلطيخ البراءة بتجاوزات اللحظة التي تقع فيها بين فكي الرحى: الشعور بالظلم، والشعور بالحقد والانتقام!! هنا لا بد من التوقف والتفكر أمام مغامرة التعبير بقوة الصوت والصورة، نتساءل: لمصلحة من؟! ولا بد أن لا نكون (ذاتيين) فقط وننسى ذات الوطن!! قد يكون في بعض الأحيان أن لا حل إلا بالقوة.. إنما ليس باستعمال أدوات القوة.. لفرض القوة؛ لأن هذا هو الخطأ الجسيم الذي لا يصح ارتكابه لمحو خطأ يسبقه!! يعني الأخطاء لا تعالج بالأخطاء! ومثل هذه القضايا المصيرية تأثرت بالسائد في المنطقة العربية في الوقت الراهن، والظاهر في اليافطات والمعلقات والعبارات المحمولة على الأيادي والأكتاف!!.. ذلك يعني أن عمليات التكتم والتستر والتجاهل والتخويف لم تعد مجدية!، ولن تؤدي إلى نتائج مفيدة لصالح الوطن والناس. زمان كان سهلا نفي الخبر أو السكوت عنه أو التكتم عليه أو قول لم يصلنا شيء!! اليوم هذه المخارج أصبحت مسدودة! وهذه الطرق لم تعد مفتوحة أمام الإدارات والوزارات! وعبارة «ما درينا» لم تعد صالحة للاستعمال وانتهى تاريخ صلاحيتها!! وهذا ما يجب أن تنتبه له وتدركه تماما الجهات المعنية بقضايا الناس وخدماتهم!! نحن جميعا نحمل الوطن لا غيره على أكتافنا، ونعبر به المرحلة الشائكة، فلا تجعلوا من قضايا معلقة أسبابا للإساءة إلى سمعة الوطن! فما أكثر الحلول لقضايا التوظيف في التعليم، ومنع هذه النتواءات فيه، ومسح البثور عنه، لكن المشكلة أن النوايا وحدها لا تكفي، وأن هذه القضايا بين أيدٍ غير واعية بالحلول، كل ما تقوم به تمرير القضية من وزارة إلى أخرى.. وكان الله في عونك يا وطن.
*****************************************