فائزة محمد على مسعود
04-08-2011, 01:03 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سكان القمم
Population peaks
إذا نظرنا في هذه الأرض.. فسنرى فيها القمم الشامخة.. والفيافي الواسعة ،والوديان السحيقة ..
ونرى أيضا النسور التي تحلق في السماء ..وتعانق الغيوم ..وتزاحم النجوم ، وفى المقابل نرى من
يزحف في بطون الأودية , أو يدفن رأسه في التراب كالنعام، واذا نظرت في الحياة.. فسترى قيما عالية..
وأخلاقا رفيعة ، وفى المقابل.. ترى سفا سف دنيئة.. وقيما وضيعة ..والناس كالطيور..
منهم من يحلق هنا وهناك.. ومنهم من يلتصق بهذه أو تلك.
ولم أر في عيوب الناس شيئا *** كنقص القادرين على التمام
من هم سكان القمم ..؟..هل هم بشر كسائر البشر...؟
أم هم أناس يعيشون على كوكب آخر.. أومن جنس غير جنس البشر ..؟
إن سكان القمم ... أناس مثلنا ..قريبون منا ..يعيشون على هذه الأرض بأجسامهم..
لكن هممهم وعزائمهم تحلق في السماء..
سكان القمم لا يرضون لأنفسهم من كل شيء إلا أحسنه ..ومن كل أمر إلا أتمه و أجمله ..
وقد قيل قديما :قدر الرجل على قدر همته.. فمن كان عالي الهمة ..كان عالي القدر..
لكل مجد مكافأة تليق بمقامه..فمن جد في العلم كوفىء باحتياج الناس إليه ..
ومن جد في بذل المعروف كوفىء بثناء الناس عليه ..
ومن كان همه ما يأكله كان قيمته ما يخرجه ..
أين طلاب المعالي ؟..أين أصحاب الهمم العوالى ؟..أين من يحب الله صنيعهم ويبارك مسيرهم ؟ ..
لا يسأل الكثير إلا من كان عقله يفكر بالكثير.. ولا يطلب العظيم إلا من كانت نفسه تسمو لكل عظيم ..
إذا غامرت في شرف مروم *** فلا تقنع بما دون النجوم
فطعم الموت في أمر حقير *** كطعم الموت في أمر عظيم
سكان القمم أبعد ما يكونون عن زخارف الدنيا وبهرجها ..الهم الأكبر لسكان القمم هم الآخرة ..
أما الدنيا فقد استصغروا متاعها ..واحتقروا نتائجها ..وترفعوا عن الاستباق فيها ..
فتحرروا من قيودها وهمومها ..
يقول الحسن رحمه الله : ( من نافسك في دينك فنافسه .. ومن نافسك في دنياك فالقها في نحره)
فلو كانت الدنيا جزاء لمحسن *** إذن لم يكن فيها معاش لظالم
لقد جاع فيها الأنبياء كرامة *** وقد شبعت فيها بطون البهائم
سكان القمم جد في السلوك , نشاط في العمل , لا يعرفون التراخي والكسل ..
ومن سنن الحياة أن الدنيا لا تعطى حصادها.. إلا لمن يزرعها , ولا جناها إلا لمن يغرسها ..
سكان القمم لا ينغمسون في الترف وكثرة المباح ..
قال ابن القيم رحمه الله:
( قال لي شيخ الإسلام قدس الله روحه في شيء من المباح : هذا ينافى المراتب العالية).
سكان القمم سباقون إلى الخيرات.. مبادرون إلى القربات , لا يفرغ من خير إلا بدأ بخير بعده ..
لا ينفض يده من عمل إلا وضعها في عمل آخر ..يفيد نفسه وينفع أمته ..
قال أحد السلف:
( إذا هممت بخير .. فبادر هواك لا يغلبك ..وإذا هممت بشر ..فسوف هواك لعلك تظفر )
سكان القمم يتعبون لبلوغ المعالي , ويقاسون المشقة للصعود في درجات الكمال ..لكنه تعب يعقبه فرح..
ونعيم لا شقاء بعده .. يقول ابن القيم رحمه الله :
( وقد أجمع عقلاء كل أمة.. على أن النعيم لا يدرك بالنعيم ..وأن من آثر الراحة.. فاتته الراحة)
سكان القمم من أكثر الناس تعرضا للفتن والبلاء , قال صلى الله عليه وسلم
( اشد الناس بلاء الأنبياء .. ثم الأمثل فالأمثل )
قال الإمام العلامة المناوى رحمه الله معلقا على هذا الحديث
( ومن ظن أن شدة البلاء.. هوان بالعبد فقد ذهب لبه.. وعمى قلبه , فقد ابتلى من الأكابر مالا يحصى(
قد ثار ثائر نفس عز مطلبها *** أو طار طائر لب في مراقيه
كالنسر لاحا جب للشمس يحرقه *** ولا الصواعق والأرواح تفنيه
ليس الطموح إلى العلياء من سفه *** ولا السمو إلى حق بمكروه
إن لم أنل منه ما أروى الغليل به *** قد يحمد المرء ماء ليس يرويه
من أشد ما تصاب به أمة من الأمم أن يكون أفرادها ذووا همم ضعيفة.. وعزائم واهنة..
وتطلعات قاصرة ..يرى أحدهم نفسه قزما أمام المتغيرات الكبيرة ..والتحولات التاريخية..
فلا يفكر في التغيير ..ولا البدء في مشاريع مستقبلية..ومن هذا وضعه.. كيف يرجى له الشفاء..
إذا كان اعتقاده أنه لا يشفى .. ذلك انه أسير تربية ذليلة ..لم يقم يوما بعمل مستقل..
أو بعمل تعاوني كبير .. لم يتدرب يوما على القيادة ..فإذا فاجأه أمر تقوقع وانزوى لأنه لا يملك
الخبرة لإدارته ..إن ارض الله واسعة لمن يريد الانطلاق.. ولمن يريد تأسيس أعمال كبيرة..
والطاقات متوافرة ولكنها بحاجة إلى عزمة أكيدة.. وثقة بوعد الله عز وجل.
أيتها الغالية... أيها الغالي: إن حياتك مغامرة كبيرة ..وان لحظات عمرك مباراة خطيرة ..
فإياك أن تخرج منها خاسرا.
إن المكارم لا تحصل بالمنى *** لكن لها بالتضحيات سبيلا
فلكم سما للمجد من أجدادنا *** بطل أقام على السمو دليلا
فسل المعالي عن شجاعة خالد *** وسل المعارك هل رأته ذليلا
مما راق لي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سكان القمم
Population peaks
إذا نظرنا في هذه الأرض.. فسنرى فيها القمم الشامخة.. والفيافي الواسعة ،والوديان السحيقة ..
ونرى أيضا النسور التي تحلق في السماء ..وتعانق الغيوم ..وتزاحم النجوم ، وفى المقابل نرى من
يزحف في بطون الأودية , أو يدفن رأسه في التراب كالنعام، واذا نظرت في الحياة.. فسترى قيما عالية..
وأخلاقا رفيعة ، وفى المقابل.. ترى سفا سف دنيئة.. وقيما وضيعة ..والناس كالطيور..
منهم من يحلق هنا وهناك.. ومنهم من يلتصق بهذه أو تلك.
ولم أر في عيوب الناس شيئا *** كنقص القادرين على التمام
من هم سكان القمم ..؟..هل هم بشر كسائر البشر...؟
أم هم أناس يعيشون على كوكب آخر.. أومن جنس غير جنس البشر ..؟
إن سكان القمم ... أناس مثلنا ..قريبون منا ..يعيشون على هذه الأرض بأجسامهم..
لكن هممهم وعزائمهم تحلق في السماء..
سكان القمم لا يرضون لأنفسهم من كل شيء إلا أحسنه ..ومن كل أمر إلا أتمه و أجمله ..
وقد قيل قديما :قدر الرجل على قدر همته.. فمن كان عالي الهمة ..كان عالي القدر..
لكل مجد مكافأة تليق بمقامه..فمن جد في العلم كوفىء باحتياج الناس إليه ..
ومن جد في بذل المعروف كوفىء بثناء الناس عليه ..
ومن كان همه ما يأكله كان قيمته ما يخرجه ..
أين طلاب المعالي ؟..أين أصحاب الهمم العوالى ؟..أين من يحب الله صنيعهم ويبارك مسيرهم ؟ ..
لا يسأل الكثير إلا من كان عقله يفكر بالكثير.. ولا يطلب العظيم إلا من كانت نفسه تسمو لكل عظيم ..
إذا غامرت في شرف مروم *** فلا تقنع بما دون النجوم
فطعم الموت في أمر حقير *** كطعم الموت في أمر عظيم
سكان القمم أبعد ما يكونون عن زخارف الدنيا وبهرجها ..الهم الأكبر لسكان القمم هم الآخرة ..
أما الدنيا فقد استصغروا متاعها ..واحتقروا نتائجها ..وترفعوا عن الاستباق فيها ..
فتحرروا من قيودها وهمومها ..
يقول الحسن رحمه الله : ( من نافسك في دينك فنافسه .. ومن نافسك في دنياك فالقها في نحره)
فلو كانت الدنيا جزاء لمحسن *** إذن لم يكن فيها معاش لظالم
لقد جاع فيها الأنبياء كرامة *** وقد شبعت فيها بطون البهائم
سكان القمم جد في السلوك , نشاط في العمل , لا يعرفون التراخي والكسل ..
ومن سنن الحياة أن الدنيا لا تعطى حصادها.. إلا لمن يزرعها , ولا جناها إلا لمن يغرسها ..
سكان القمم لا ينغمسون في الترف وكثرة المباح ..
قال ابن القيم رحمه الله:
( قال لي شيخ الإسلام قدس الله روحه في شيء من المباح : هذا ينافى المراتب العالية).
سكان القمم سباقون إلى الخيرات.. مبادرون إلى القربات , لا يفرغ من خير إلا بدأ بخير بعده ..
لا ينفض يده من عمل إلا وضعها في عمل آخر ..يفيد نفسه وينفع أمته ..
قال أحد السلف:
( إذا هممت بخير .. فبادر هواك لا يغلبك ..وإذا هممت بشر ..فسوف هواك لعلك تظفر )
سكان القمم يتعبون لبلوغ المعالي , ويقاسون المشقة للصعود في درجات الكمال ..لكنه تعب يعقبه فرح..
ونعيم لا شقاء بعده .. يقول ابن القيم رحمه الله :
( وقد أجمع عقلاء كل أمة.. على أن النعيم لا يدرك بالنعيم ..وأن من آثر الراحة.. فاتته الراحة)
سكان القمم من أكثر الناس تعرضا للفتن والبلاء , قال صلى الله عليه وسلم
( اشد الناس بلاء الأنبياء .. ثم الأمثل فالأمثل )
قال الإمام العلامة المناوى رحمه الله معلقا على هذا الحديث
( ومن ظن أن شدة البلاء.. هوان بالعبد فقد ذهب لبه.. وعمى قلبه , فقد ابتلى من الأكابر مالا يحصى(
قد ثار ثائر نفس عز مطلبها *** أو طار طائر لب في مراقيه
كالنسر لاحا جب للشمس يحرقه *** ولا الصواعق والأرواح تفنيه
ليس الطموح إلى العلياء من سفه *** ولا السمو إلى حق بمكروه
إن لم أنل منه ما أروى الغليل به *** قد يحمد المرء ماء ليس يرويه
من أشد ما تصاب به أمة من الأمم أن يكون أفرادها ذووا همم ضعيفة.. وعزائم واهنة..
وتطلعات قاصرة ..يرى أحدهم نفسه قزما أمام المتغيرات الكبيرة ..والتحولات التاريخية..
فلا يفكر في التغيير ..ولا البدء في مشاريع مستقبلية..ومن هذا وضعه.. كيف يرجى له الشفاء..
إذا كان اعتقاده أنه لا يشفى .. ذلك انه أسير تربية ذليلة ..لم يقم يوما بعمل مستقل..
أو بعمل تعاوني كبير .. لم يتدرب يوما على القيادة ..فإذا فاجأه أمر تقوقع وانزوى لأنه لا يملك
الخبرة لإدارته ..إن ارض الله واسعة لمن يريد الانطلاق.. ولمن يريد تأسيس أعمال كبيرة..
والطاقات متوافرة ولكنها بحاجة إلى عزمة أكيدة.. وثقة بوعد الله عز وجل.
أيتها الغالية... أيها الغالي: إن حياتك مغامرة كبيرة ..وان لحظات عمرك مباراة خطيرة ..
فإياك أن تخرج منها خاسرا.
إن المكارم لا تحصل بالمنى *** لكن لها بالتضحيات سبيلا
فلكم سما للمجد من أجدادنا *** بطل أقام على السمو دليلا
فسل المعالي عن شجاعة خالد *** وسل المعارك هل رأته ذليلا
مما راق لي