غروب حزينه
05-13-2011, 02:52 AM
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله.
وبعدُ:
فمن البلايا العظيمة التي ابتُليتْ بها الأمَّة في هذه الأيام، الاختلاطُ بين الرِّجال والنساء على أشكال وصور متَعَدِّدة، وقد جاءت الشريعةُ الإسلاميةُ بجلْب المصالح ودفْع المفاسد.
ولا شك أن الاختلاطَ باب شرٍّ، ومفتاح فتَن على الأمة، وقد وردتْ نُصُوص كثيرةٌ من الكتاب والسنة بمنْعه؛ قال - تعالى -: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ﴾ [الأحزاب: 33].
قال ابن كثير: أي: الْزَمْن بُيُوتكن فلا تخرجن لغَيْر حاجة، ومن الحوائج الشرعية الصلاةُ في المسجد بشرطه[1]، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تمنعوا إماءَ الله مساجدَ الله، ولْيخرُجن وهنَّ تفلات[2]))[3]، وفي رواية: ((وبيوتُهن خير لهن))[4].
وقال مجاهد: كانت المرأةُ تخرج تمْشي بين يدي الرجال، فذلك تبرج الجاهلية[5].
روى البخاري ومسلم من حديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إياكم والدُّخولَ على النِّساء))، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال:((الحمو الموت))[6]، والحمو: هو قريب الزَّوج، شبَّهه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالموت؛ لخطورته وتساهُل الناس فيه.
وإذا كان الرجالُ ممنوعين من الدُّخول على النساء، وممنوعين من الخلوة بهنَّ بطريق الأَولى، كما ثبت بأحاديثَ أخرى، صار سؤالهن متاعًا لا يكون إلا من وراء حجاب، ومن دخل عليهن فقد خرق الحجاب[7].
قال الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله -: وكان النساء في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يختلطن بالرجال، لا في المساجد ولا في الأسواق، الاختلاط الذي ينهى عنه المصلحون اليوم، ويرشد القرآن والسُّنة وعلماء الأمة إلى التحذير منه؛ حذرًا مِن فتنته؛ بل كان النساء في مسجده - صلى الله عليه وسلم - يصلين خلف الرجال في صفوف متأخِّرة عن الرجال، وكان يقول: ((خيرُ صفوف الرجال أولُها، وشرُّها آخرُها، وخير صُفُوف النساء آخرها، وشرها أولها))[8]؛ حذرًا من افتتان آخر صفوف الرجال بأول صفوف النساء، وكان الرجال في عهده - عليه الصلاة والسلام - يؤمرون بالتريُّث في الانصراف؛ حتى يمضي النِّساء ويخرجْن من المسجد؛ لئلا يختلط بهن الرجال في أبواب المسجد، مع ما هم عليه جميعًا - رجالاً ونساء - من الإيمان والتقوى، فكيف بحال من بعدهم؟! وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهاهن أن يمشين في وسط الطريق، ويؤمرن بلزوم حافات الطريق؛ حذرًا من الاحتكاك بالرجال، والفتنة بمماسة بعضهم بعضًا عند السير في الطريق[9]. اهـ.
بل إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُخَصِّص للنساء بابًا يخرجْن منه[10]، قال ابن القيم - رحمه الله - ما خلاصته: "ومن ذلك أن وليَّ الأمر يجب عليه أن يمنع من اختلاط الرجال بالنساء في الأسواق، والفرج، ومجامع الرجال"، فالإمام مسؤول عن ذلك، والفتنة به عظيمة.
روى البخاري ومسلم من حديث أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما تركتُ بعدي فتنةً أضر على الرِّجال من النساء))[11]، وفي حديث آخر: ((عليكن بحافات الطريق))[12]، ويجب عليه أن يمنع النساء من الخروج متزيِّنات متجمِّلات، ومنعُهن من الثياب التي يكنَّ بها كاسياتٍ عاريات، كالثياب الواسعة الرقاق، ومنعهن من حديث الرِّجال في الطرُقات، ومنع الرجال من ذلك، وله أن يحبس المرأة إذا أكثرتِ الخروج من منزلها، ولا سيما إذا خرجتْ متجمِّلة؛ بل إقرار النساء على ذلك إعانةٌ لهن على الإثم والمعصية، والله سائلٌ وليَّ الأمر عن ذلك، وقد منع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - النساءَ من المشْي في طريق الرجال، والاختلاط بهن في الطريق، فعلى ولي الأمر أن يقتديَ به في ذلك.
ولا ريب أن تَمْكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصْلُ كلِّ بلية وشرٍّ، وهو من أعظم أسباب نزول العُقُوبات العامة، كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة، واختلاطُ الرجال بالنساء سببٌ لكثْرة الفواحش والزِّنا[13].
وبناء على ما تقدَّم؛ فإن ما حصل من اختلاط بين الرجال والنساء، سواء كان في اجتماع أو ندوة أو حفل، أو تصوير بين الرجال والنساء، أو غير ذلك من صور الاختلاط، ونشْره في وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية، أمْرٌ مُحَرَّم لا يجوز؛ بل يجب إنكارُه؛ فإنه بوابة شر، ومفتاح فتن، وتعرُّض لعُقُوبة الله - تعالى - وسخطه، وإذا نزلت العقوبةُ عمَّت الجميعَ، نسأل الله اللُّطْف والعافية في الدنيا والآخرة.
ويجب على العلماء وطلبة العلم والدُّعاة أن يُبَيِّنوا للناس أُمورَ دينهم، ولا يتركوهم؛ حتى لا يلتبس الحقُّ بالباطل، والمعروف بالمنكر؛ قال - تعالى -: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ ﴾ [آل عمران: 187].
وقال - تعالى -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ﴾ [البقرة: 159]، وكتمان العلم إخفاؤه عندما يجب بيانه، إمَّا جوابًا لسؤال، أو لمقتضى الحال.
روى مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَنْ رأى منكم مُنكرًا، فلْيُغيره بيَدِه، فإن لَم يستطعْ فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضْعف الإيمان))[14].
ولذلك أوصي بالآتي:
أولاً: على من ولاَّه الله أمر المسلمين أن يمنع الاختلاط بشتَّى صوره وأشكاله؛ حماية للأعراض، وقطعًا لدابر الشر، ونصرة للعفَّة والفضيلة.
ثانيًا: على كل من ولاه الله أمر امرأة من الآباء والأزواج، أن يتَّقوا الله فيما ولوا من أمر النساء، وأن يعملوا الأسباب لحفظهنَّ من التبَرُّج والاختلاط، وليعلموا أن فساد النساء سببُه تساهُل الرجال.
ثالثًا: ننصح هؤلاء الكتَّاب الصحفيين الذين يمجِّدون الاختلاط والسفور، ويستهزئون بالحجاب الشرعي، أن يتقوا الله، ويحذروا من سخطه وعقابه، وألا يكونوا باب سوء على أهليهم وأمتهم، ومن استمر في غيِّه وضلاله، فعلى من ولاه الله أمر المسلمين أن يُحيله إلى المحاكم الشرعية؛ ليَلقَى جزاءه الرادع وفْق شرع الله المُطَهَّر.
رابعًا: على كل مسلم الحذرُ من إشاعة الفاحشة ونشرها، وليعلم أن محبتها - كما بيَّن شيخ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله - في الفتاوى - لا تكون بالقول والفعل فقط؛ بل تكون بذلك، وبالتحدُّث بها، وبالقلب والميل إليها، وبالسكوت عنها، فإن هذه المحبة تمكِّن من انتشارها، وتمكن من الدفع في وجْه من ينكرها من المؤمنين، فليتَّق اللهَ امرؤٌ مسلمٌ من محبة إشاعة الفاحشة؛ قال - تعالى -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ﴾ [النور: 19].
قال الحافظ ابن رجب: وقد رُوي عن الإمام أحمد أنه قيل له: إن عبدالوهَّاب الوراق ينكر كذا وكذا، فقال: لا نزال بخير ما دام فينا من ينكر، ومن هذا الباب: قول عمر لِمَنْ قال له: اتق الله يا أمير المؤمنين، فقال: "لا خير فيكم إن لَم تقولوها لنا، ولا خير فينا إذا لم نقبلها منكم"[15][16].
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعدُ:
فمن البلايا العظيمة التي ابتُليتْ بها الأمَّة في هذه الأيام، الاختلاطُ بين الرِّجال والنساء على أشكال وصور متَعَدِّدة، وقد جاءت الشريعةُ الإسلاميةُ بجلْب المصالح ودفْع المفاسد.
ولا شك أن الاختلاطَ باب شرٍّ، ومفتاح فتَن على الأمة، وقد وردتْ نُصُوص كثيرةٌ من الكتاب والسنة بمنْعه؛ قال - تعالى -: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ﴾ [الأحزاب: 33].
قال ابن كثير: أي: الْزَمْن بُيُوتكن فلا تخرجن لغَيْر حاجة، ومن الحوائج الشرعية الصلاةُ في المسجد بشرطه[1]، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تمنعوا إماءَ الله مساجدَ الله، ولْيخرُجن وهنَّ تفلات[2]))[3]، وفي رواية: ((وبيوتُهن خير لهن))[4].
وقال مجاهد: كانت المرأةُ تخرج تمْشي بين يدي الرجال، فذلك تبرج الجاهلية[5].
روى البخاري ومسلم من حديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إياكم والدُّخولَ على النِّساء))، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال:((الحمو الموت))[6]، والحمو: هو قريب الزَّوج، شبَّهه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالموت؛ لخطورته وتساهُل الناس فيه.
وإذا كان الرجالُ ممنوعين من الدُّخول على النساء، وممنوعين من الخلوة بهنَّ بطريق الأَولى، كما ثبت بأحاديثَ أخرى، صار سؤالهن متاعًا لا يكون إلا من وراء حجاب، ومن دخل عليهن فقد خرق الحجاب[7].
قال الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله -: وكان النساء في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يختلطن بالرجال، لا في المساجد ولا في الأسواق، الاختلاط الذي ينهى عنه المصلحون اليوم، ويرشد القرآن والسُّنة وعلماء الأمة إلى التحذير منه؛ حذرًا مِن فتنته؛ بل كان النساء في مسجده - صلى الله عليه وسلم - يصلين خلف الرجال في صفوف متأخِّرة عن الرجال، وكان يقول: ((خيرُ صفوف الرجال أولُها، وشرُّها آخرُها، وخير صُفُوف النساء آخرها، وشرها أولها))[8]؛ حذرًا من افتتان آخر صفوف الرجال بأول صفوف النساء، وكان الرجال في عهده - عليه الصلاة والسلام - يؤمرون بالتريُّث في الانصراف؛ حتى يمضي النِّساء ويخرجْن من المسجد؛ لئلا يختلط بهن الرجال في أبواب المسجد، مع ما هم عليه جميعًا - رجالاً ونساء - من الإيمان والتقوى، فكيف بحال من بعدهم؟! وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهاهن أن يمشين في وسط الطريق، ويؤمرن بلزوم حافات الطريق؛ حذرًا من الاحتكاك بالرجال، والفتنة بمماسة بعضهم بعضًا عند السير في الطريق[9]. اهـ.
بل إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُخَصِّص للنساء بابًا يخرجْن منه[10]، قال ابن القيم - رحمه الله - ما خلاصته: "ومن ذلك أن وليَّ الأمر يجب عليه أن يمنع من اختلاط الرجال بالنساء في الأسواق، والفرج، ومجامع الرجال"، فالإمام مسؤول عن ذلك، والفتنة به عظيمة.
روى البخاري ومسلم من حديث أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما تركتُ بعدي فتنةً أضر على الرِّجال من النساء))[11]، وفي حديث آخر: ((عليكن بحافات الطريق))[12]، ويجب عليه أن يمنع النساء من الخروج متزيِّنات متجمِّلات، ومنعُهن من الثياب التي يكنَّ بها كاسياتٍ عاريات، كالثياب الواسعة الرقاق، ومنعهن من حديث الرِّجال في الطرُقات، ومنع الرجال من ذلك، وله أن يحبس المرأة إذا أكثرتِ الخروج من منزلها، ولا سيما إذا خرجتْ متجمِّلة؛ بل إقرار النساء على ذلك إعانةٌ لهن على الإثم والمعصية، والله سائلٌ وليَّ الأمر عن ذلك، وقد منع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - النساءَ من المشْي في طريق الرجال، والاختلاط بهن في الطريق، فعلى ولي الأمر أن يقتديَ به في ذلك.
ولا ريب أن تَمْكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصْلُ كلِّ بلية وشرٍّ، وهو من أعظم أسباب نزول العُقُوبات العامة، كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة، واختلاطُ الرجال بالنساء سببٌ لكثْرة الفواحش والزِّنا[13].
وبناء على ما تقدَّم؛ فإن ما حصل من اختلاط بين الرجال والنساء، سواء كان في اجتماع أو ندوة أو حفل، أو تصوير بين الرجال والنساء، أو غير ذلك من صور الاختلاط، ونشْره في وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية، أمْرٌ مُحَرَّم لا يجوز؛ بل يجب إنكارُه؛ فإنه بوابة شر، ومفتاح فتن، وتعرُّض لعُقُوبة الله - تعالى - وسخطه، وإذا نزلت العقوبةُ عمَّت الجميعَ، نسأل الله اللُّطْف والعافية في الدنيا والآخرة.
ويجب على العلماء وطلبة العلم والدُّعاة أن يُبَيِّنوا للناس أُمورَ دينهم، ولا يتركوهم؛ حتى لا يلتبس الحقُّ بالباطل، والمعروف بالمنكر؛ قال - تعالى -: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ ﴾ [آل عمران: 187].
وقال - تعالى -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ﴾ [البقرة: 159]، وكتمان العلم إخفاؤه عندما يجب بيانه، إمَّا جوابًا لسؤال، أو لمقتضى الحال.
روى مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَنْ رأى منكم مُنكرًا، فلْيُغيره بيَدِه، فإن لَم يستطعْ فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضْعف الإيمان))[14].
ولذلك أوصي بالآتي:
أولاً: على من ولاَّه الله أمر المسلمين أن يمنع الاختلاط بشتَّى صوره وأشكاله؛ حماية للأعراض، وقطعًا لدابر الشر، ونصرة للعفَّة والفضيلة.
ثانيًا: على كل من ولاه الله أمر امرأة من الآباء والأزواج، أن يتَّقوا الله فيما ولوا من أمر النساء، وأن يعملوا الأسباب لحفظهنَّ من التبَرُّج والاختلاط، وليعلموا أن فساد النساء سببُه تساهُل الرجال.
ثالثًا: ننصح هؤلاء الكتَّاب الصحفيين الذين يمجِّدون الاختلاط والسفور، ويستهزئون بالحجاب الشرعي، أن يتقوا الله، ويحذروا من سخطه وعقابه، وألا يكونوا باب سوء على أهليهم وأمتهم، ومن استمر في غيِّه وضلاله، فعلى من ولاه الله أمر المسلمين أن يُحيله إلى المحاكم الشرعية؛ ليَلقَى جزاءه الرادع وفْق شرع الله المُطَهَّر.
رابعًا: على كل مسلم الحذرُ من إشاعة الفاحشة ونشرها، وليعلم أن محبتها - كما بيَّن شيخ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله - في الفتاوى - لا تكون بالقول والفعل فقط؛ بل تكون بذلك، وبالتحدُّث بها، وبالقلب والميل إليها، وبالسكوت عنها، فإن هذه المحبة تمكِّن من انتشارها، وتمكن من الدفع في وجْه من ينكرها من المؤمنين، فليتَّق اللهَ امرؤٌ مسلمٌ من محبة إشاعة الفاحشة؛ قال - تعالى -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ﴾ [النور: 19].
قال الحافظ ابن رجب: وقد رُوي عن الإمام أحمد أنه قيل له: إن عبدالوهَّاب الوراق ينكر كذا وكذا، فقال: لا نزال بخير ما دام فينا من ينكر، ومن هذا الباب: قول عمر لِمَنْ قال له: اتق الله يا أمير المؤمنين، فقال: "لا خير فيكم إن لَم تقولوها لنا، ولا خير فينا إذا لم نقبلها منكم"[15][16].
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.